Advertise here

التاريخ ينصف

23 كانون الأول 2020 15:43:27

في مسار الحزب التقدمي الإشتراكي تاريخٌ من تاريخٍ حافل في الانتقال النوعي من الفكر الجامد الذي كان سائداً في حقبات اجتماعية وسياسية سابقة في عدد من الأبعاد. 

ولا نقصد طبعا الايحاء بأن هذا الجمود كان صفة عامة، ولا يعني بالتأكيد تخلّفاً في المجتمعات من الناحية الفكرية، بل كان هناك الكثير من الأفكار التقدمية المتحررة، وبعض رجال الفكر  تُرفع لهم القبعة في كثير من المجالات، لكن القصد من هذا الكلام الإشارة الى الأفكار الجديدة والمتقدمة والمتحررة من الطغيان الفكري والعقائدي، وقد حمل هذه الأفكار الحزب التقدمي الإشتراكي وحاول مؤسسه كمال جنبلاط نشرها بين الناس، وعلى سبيل المثال لا الحصر مفهوم العروبة الحرة المتنورة، والافكار التحررية، والاشتراكية الاكثر انسانية، ومفهوم العدالة والمساواة بين ابناء البشر على كل بقاع الأرض دون تفرقة او تمييز في العرق والجنس والمكان والزمان.

وهذه الافكار الانسانية المتقدمة سار بها المعلم الى رحاب العالمية، ليبلّغ العالم ان الانسان هو الغاية بحد ذاته للوصول الى الحقيقة الانسانية. بذلك نقل كمال جنبلاط مجتمعه ووطنه وعروبته وانسانيته الى الحداثة والتطور والانفتاح وخلق الأفكار التى تؤطر المجتمع في بوتقة حضارية متقدمة.

كمال جنبلاط نقل مجتمعه الصغير الى واحة فكرية بعيدة عن التقوقع الطائفي والمذهبي والمناطقي، الى عمق القضية المنفتحة لاجل الانسان الحديث في التقدم، ونقله من العروبة الشمولية الى الحضارية، ومن فلسطين النكبة والنكسة الى فلسطين القضية على الساحة الدولية.

كمال جنبلاط شكّل المفهوم الجديد لتحرير المجتمعات من نير الظلم، وهو إرث عظيم انتقل مع وليد جنبلاط الذي قال انا تسلمت الامانة في ظروف مختلفة فوق الدم، لكنه أضفى الكثير من خلال قيادته الحكيمة والدقيقة في أصعب المراحل من تلك الظروف الامنية والسياسية والمفصلية في تاريخ لبنان.

لقد أسقط وليد جنبلاط مقولة الانقسام الداخلي والتعصب المذهبي، وأنشد الانفتاح على كل المكونات الوطنية في السياسة وفي الاقتصاد وفي المساعدات الاجتماعية والحياتية، دون تفرقة او تمييز وبين منطقة واخرى.

وليد جنبلاط تمسك بالثوابت، واستمر على هذا النهج المنفتح محلياً وعربياً وعالمياً، يبني في ذلك على النظرة الثاقبة في الامور المفصلية، وفي كونه السبّاق في طرح مجمل القضايا بطريقة السهل الممتنع، وهو ناقد لاذع في الوقت المناسب بدءاً من نفسه قبل الآخرين، يضع النقاط على الحروف المبعثرة في السياسة الداخلية والخارجية، فيشكل حالة منفردة في السياسة اللبنانية والعربية 

يقول وليد جنبلاط إنه ليس كمال جنبلاط، ولن يكون تيمور جنبلاط وليد جنبلاط. والتاريخ يحكم ويعطي كل ذي حق حقه.