رغم شمول الدعم من قبل مصرف لبنان للمواشي، إلا أن أسعار اللحوم بقيت في غالب الأحيان على ارتفاعها، وقد تكون مرشحة للارتفاع أكثر في ظل الواقع الذي يعيشه هذا القطاع.
ففي الاول من أيلول الماضي تم وضع آلية دعم للسلة الغذائية من ضمنها المواشي الحية، على سعر صرف 3900 ليرة، وعليه فإن معظم المستوردين قدموا الطلبات وبدأوا باستيراد المواشي وبيعها في السوق اللبناني، واستمر ذلك حتى منتصف تشرين الثاني على السعر المدعوم التي وضعته وزارة الاقتصاد، بما معناه ان الحد الادنى للبيع في الملاحم 33000 ل ل للكلغ الواحد، والحد الاقصى 39000 ل ل للكلغ الواحد، كما افادت مصادر نقابية عبر جريدة "الأنباء" الاكترونية.
لكن ما حدث بعدها، بحسب المصادر، أن وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال راوول نعمة طلب من حاكم مصرف لبنان توقيف تحويل الأموال الى الخارج للشركات الموردة بحجج مختلفة، وهذا ما حدث فعلاً، ما أدى الى ارتفاع اسعار اللحوم مجدداً.
وتشير المصادر الى أن المشكلة الأكبر تكمن في "الوعود الواهية" التي يعطيها وزيرا الاقتصاد والزراعة للمستوردين بأنهم سيبحثون مع الحاكم هذه المسألة وأن الازمة سوف تُحل.
وفي التفاصيل فإن المبالغ المستوفاة للمصارف حتى الآن في ملف إستيراد المواشي واللحوم تعدت 70 مليون دولار، ومصرف لبنان لم يحوّلها، ما اضطر المستوردين الى التخفيف او الاعتكاف عن تسليم المواشي.
وتتوقف المصادر ايضا عند طريقة تقديم الطلبات وإعطاء الموافقات على قاعدة المحسوبيات، وكذلك الأمر في موضوع الاعلاف المدعومة، ما أدى الى الاحتكار وبيع هذه الاعلاف في السوق السوداء وحرمان مربّي المواشي والدواجن الصغار من الدعم.
وتعليقا على هذا الأمر، أوضحت مصادر وزارة الاقتصاد عبر جريدة "الأنباء" الالكترونية انه بناء على التنسيق بين وزارتي الاقتصاد والزراعة ومصرف لبنان تم الاتفاق على حل، كاشفة ان التجار بدأوا بإحضار التعهدات المطلوبة من قبل الوزارة، وتم الاتصال بين وزارة الاقتصاد والمصرف المركزي لإعادة السير بالملفات من جديد.
من جهته، اعتبر رئيس جمعية حماية المستهلك الدكتور زهير برو في حديث لجريدة الأنباء الالكترونية أن "ما يعانيه تجار المواشي اليوم جراء توقف المصرف المركزي عن الدفع للموردين، وبالتالي اضطرار التجار الى شراء المواشي على اساس سعر الصرف في السوق السوداء سيكون من نتيجته ان ترتفع اسعار اللحوم".
وقال برو: "هذا ان دلّ على شيء فعلى سوء التخطيط الذي تعتمده الدولة عندما قامت بالدعم، وأدى ذلك الى اثراء كبار التجار واليوم توقف من دون ان يعود بالنفع على المواطنين".
وأضاف برو: "ان طريقة الدعم التي قامت بها الحكومة لم تعد بالفائدة على المواطنين، ومَن استفاد منها فقط التجار الكبار على حساب مالية الدولة والمواطنين"، مقترحا ان يكون الدعم موجهاً بشكل مباشر الى المواطنين وذلك عن طريقة البطاقات وكلّ حسب حاجاته وكفايته، ومن دون استثناء احد.
وشدد برو على ان "موضوع الدعم الذي تعتمده الحكومة عبر مصرف لبنان زاد من نسبة الاحتكارات، وأدى الى غلاء الاسعار، وإثراء تجار مدعومين على حساب صغار التجار"، لافتًا الى انه "لا بد من منع الدعم للتجار لأن ذلك يؤدي الى استنزاف ما تبقى من اموال في الدولة، والذهاب الى دعم العائلات المحتاجة، وفق معيار الحاجة وليس الوظيفة، كما تفعل كل دول العالم".
وختم برو قائلا: "بعض التجار الصغار يعانون كثيراً لان التاجر المستورد يمنع عنهم البضاعة المدعومة بحجة انهم ليسوا من زبائنه قبل الدعم، وهذا أدى الى تعميم الفساد وزيادة الاسعار وزيادة الاحتكار".