وطن تحت الرماد
23 كانون الأول 2020
09:00
Article Content
نقضوا العهد، وأخلفوا الوعد. رفضوا النصح، واستخفوا بالتحذير، وهزأوا بالتأنيب. أُنذِروا، وأُمهِلوا، لكن دون جدوى.
كابروا، واستكبروا، وعلى دماء الشعب رقصوا، وعادوا بالحلّة القديمة- الجديدة حماة لبنان المزرعة، المسيّبة لمصلحة الراعي الإقليمي المقامَر به كورقةٍ رابحةٍ على طاولة المفاوضات الدولية.
دمّروا بيروت، وحوّلوا بوّابتها البحرية من مرفأٍ ومرسى إلى تابوتٍ فيه عشرات الشهداء، وآلاف الجرحى، ثمّ وقفوا يشجبون ويستنكرون، وهم وحلفاؤهم مَن أهملوا، وسهّلوا، ومرّروا، وتسبّبوا بالكارثة المجزرة، ثم وقفوا ناحبين في جنازةٍ يتلون فيها صلاة الرحمة على وطنٍ قتلته أيديهم الآثمة.
يعدون الشعب اللبناني بالتحقيق والمحاسبة، وتقديم المجرمين إلى العدالة. وأية عدالة؟ عدالة إعطاء الوقت الكافي للمجرم الحقيقي ليسرح ويمرح، ويقتل شهود الشعب اللبناني على جريمة تفجير المرفأ، من العقيد جوزيف سكاف، والعقيد أبو رجيلي، إلى المصوّر جوزيف بجاني؟؟؟
عن أية عدالةٍ يتكلّمون؟ عن عدالة التشكيلات القضائية التي أوقفوها كي لا تطال بعض القضاة المسيّسين التابعين، والذين يتحركون غب طلب العهد وحلفائه؟؟
عن أي عدالةٍ يتكلمون؟ عن العدالة التي تصيب رئاسةً دون سواها، وتصيب فريقاً دون آخر، وجميعهم في المسؤولية متساوون، أم عن عدالة السمسرة والفبركة المتخصّصة في خلق الملفات الوهمية، والاتّهامات العبثية بتوقيف ناشطين عبّروا عن آرائهم، ومارسوا حريّتهم وحقهم في التعبير؟
عن أي عدالة يتكلمون؟ عن العدالة التي أفقدوها هيبتها، وهدموا أسوار حصانتها، ومرّغوا سمعة قضاتها بالوحل، عبر تدخلاتهم المريبة ليجعلوها أداة في أيديهم يمارسون من خلالها الانتقام السياسي تجاه أخصامهم السياسيين؟
إن ّ هذه العدالة التي يبتغون لا يمكن، ولا بشكلٍ من الأشكال أن تقدّم المجرمين المقترفين الحقيقيين للمحاكمة في جريمة تفجير المرفأ، بل هي صالحة لتضييع الوقت، وبالتالي لفلفة القضية وتغييبها في الأدراج السوداء.
وكما أجهضوا المبادرة الفرنسية، وكل آمال الشعب اللبناني بالإصلاح معها، لأن الفساد طاقتهم، والتهريب مهنتهم، ومافيا الدولار لعبتهم، والحكم محاصصة، والوطن ساحة، والسيادة الضائعة هي ضمانة استمراريتهم.
يجهضون ملف التحقيق في جريمة انفجار المرفأ لتكتمل الصورة القاتمة المزرية لوطنٍ وشعبٍ يرقد تحت الرماد بانتظار زوال صورة هذا العهد وحلفائه.
إعلان
يتم عرض هذا الإعلان بواسطة إعلانات Google، ولا يتحكم موقعنا في الإعلانات التي تظهر لكل مستخدم.