Advertise here

عزيز المتني في لقاء ثقافي لـ "التقدمي": همّ كمال جنبلاط العبور بلبنان من دولة الطوائف إلى دولة القانون والمؤسّسات

12 كانون الأول 2020 12:36:18

خصّت مفوضيّتا الثقافة والشباب اللقاء الرابع من سلسلة الإضاءات الفكرية التي تنظّمها، لمناسبة الذكرى الثالثة بعد المئة لميلاد المعلّم الشهيد كمال جنبلاط،  الصحافي عزيز المتني بلقاءٍ عبر الـ"zoom" للحديث عن نضالات المعلّم الشهيد ورؤيته لبناء لبنان أفضل، وشارك فيه عددٌ كبير من الحزبيين.

أبو ذياب

 بدايةً تحدّث أبو ذياب لافتاً إلى أن المحاضِر عزيز المتني كان على تماسٍ مباشر مع المعلّم كمال جنبلاط في حياته اليومية ونضاله السياسي، خاصةً بعد استشهاد خاله نسيب المتني الذي كان استشهاده نقطة تحوّلٍ في مسار ثورة 1958، وهو الذي ألّف كتاباً عن المعلّم الشهيد بعنوان"أسئلة وحقائق".

وأشار أبو ذياب إلى أنّنا اليوم في مرحلةٍ من مراحل التحذيرات التي كان المعلّم الشهيد سباقاً في الإشارة إلى مخاطرها.

المتني

 تحدّث المتني بدايةً عن نضاله من أجل تحقيق صدق الوطنية، وسمو المواقف والأهداف، مع معلّمه الأول الصحافي الشهيد نسيب المتني، ومع معلّمه الثاني  المعلّم كمال جنبلاط اللذين اختُتمت حياة كل منهما بالشهادة، وهي أبهى الخواتيم في تلبية الجهاد والنضال.

ولفت المتني إلى أن همّ المعلّم كمال جنبلاط الأول والأخير، ومراكز نضاله، كان العبور بلبنان من دولة الطوائف إلى دولة القانون والمؤسّسات وحقوق الإنسان، دولة المواطن الحر والشعب السعيد، ولا ميزة لامرىء  على الآخر إلّا ميزة المعرفة والنشاط. لذلك أمضى المعلّم حياته وهو يناضل، ويقود مسيرة النضال من أجل الحقيقة، والمساواة، وتكافؤ  الفرص في بلدٍ بُنيَ على أنصاف الحلول؛ ومن أجل العدالة وسط فوضى حضارة الاستهلاك، والاحتكار، والانزلاقات، ومن أجل الحرية في  أمةٍ استعبدتها الولاءات  القبلية والعشائرية، وشعوذات دجّالي السياسة، وتجّار الطائفية والمذهبية.

واعتبر المتني أن  هاجس كمال جنبلاط  كان  أن يتحول لبنان إلى اتحادٍ فيدرالي للطوائف، وأن لا يعود وطناً لأحد على الإطلاق، فهو الذي كتب:" لا يُبنى وطنٌ على حافتي جسر، والتاريخ المزوّر المحرّف لا يبني وطناً".

 واستعرض المتني مرحلة دراسته التكميلية والثانوية في "الحكمة" حيث كان التلاميذ من مختلف المناطق والطوائف، فكان دينهم لبنان، وطائفتهم الحكمة، ومنهم ابراهيم عبد الساتر من مزرعة الشوف الذي انتُخب رئيساً للبلدية، بتوصيةٍ وتأييدٍ من المعلّم كمال جنبلاط، وأحمد تقي الدين من بعقلين، وهو ناظم نشيد الحكمة، وأيضاً الرئيس نبيه بري، وغسان وعاصم قانصو، وباسم وعاصم الجسر، والقاضي منيف عويدات الذي كان آنذاك نجم فريق الحكمة في كرة القدم، وقد استعان المعلّم الشهيد به يوم تأسيس الحزب التقدمي الاشتراكي، فعيّنه كأول مفوضٍ للشباب والرياضة في الحزب، فضلاً عن كامل عبد الحسين العبدالله الذي عيّنه المعلّم أول مفوض للدعاية والنشر، وهو أيضاً ناظم نشيد الحزب، وأيضاً عصام وملحم كرم، حيث انتسب عصام كرم إلى الحزب، وكان المدير المسؤول لجريدة الأنباء بين عامَي 1957- 1958، وعيّنه المعلّم المفتش العام للحزب  حتى استقالته في العام 1964، وذلك بالإضافة إلى الفنان الكاريكاتوري بيار صادق الذي رسمَ الأنباء  طيلة سنة 1959، إلى أن اكتشفه غسان تويني واحتكره للنهار. وكذلك غسان أبو شقرا من عماطور، وسهيل حمادة من بعقلين، وعفيف  الهشّي من عين المريسة.

وروى المتني  كيفية تعرّفه بالمعلّم الشهيد حيث التقاه في مكتب خاله نسيب المتني في جريدة التلغراف، في شارع بشارة الخوري، وكانت إلى جانب مكتبه الأكاديمية اللبنانية التي كان المعلّم يدرّس فيها مادة الاقتصاد السياسي مرتين في الأسبوع، وكان خلالها يزور  نسيب المتني.

وتناول المتني مقال المعلّم الذي حمل عنوان، "أتى بهم الأجنبي فليذهب بهم الشعب"، وهو المقال الذي أدّى إلى مصادرة الأنباء، وتعطيل ثمانية صحف  نشرت هذا المقال، وإحالتها إلى المحاكمة بتهمة المسّ برئاسة الجمهورية، وهو ما أدّى إلى انتفاضةٍ لدى الرأي العام،  ودخول عهد بشارة الخوري في بداية النهاية.

وسرد المتني مسيرة عمله في التلغراف والأنباء، حيث قام خاله نسيب المتني  بضمّه إلى الجدول الرسمي للصحافة اللبنانية، وكان عمره آنذاك 21 عاماً، وذلك من أجل أن يكمل رسالة خاله الذي كان لديه هاجس بأنه سيتمّ اغتياله، والذي وبعد أقل من سنة اغتيل  بسبب مقاله "فلتسقط الكراسي". تابع عزيز المتني الرسالة في التلغراف، ومن ثم عُيّن مديراً مسؤولاً للأنباء ولا زال،  وانتسب إلى الحزب، ثم أصبح رئيساً لتحرير الأنباء لمدة 17 عاماً، وحقّق التوازن بين النفقات والمداخيل في الجريدة.  

واستذكر  المتني النزهة التي قام بها مع المعلّم من بيروت إلى الجنوب والمحطات التي مرّا بها بدءاً من خلدة حيث يوجد معبد السيدة العذراء الذي بناه آل تنوخ، مروراً بدير مار جرجس في الناعمة، ودير المخلص في جون الذي وهبه الشيخ بشير جنبلاط الأراضي التابعة له للدير، وأيضا كنيسة مار موسى في مرج بسري، وصولاً إلى مدينة صور، بالإضافة إلى الشرح التاريخي المفصّل الذي قدّمه المعلّم الشهيد الواسع الاطّلاع.

ثم تناول المتني الميثاقية بمفهوم المعلّم، والتي تقوم على الاعتراف بوجود الآخر وبرأي الآخر، والتحاور مع الرأي الآخر للوصول إلى جوامع مشتركة تعزّز العيش المشترك، وتحصّن الوحدة الوطنية.

وعرض المتني أيضاً للحقبة  التي تولّى فيها المعلّم حقيبة وزارة التربية، واستصدر مرسوماً ليتمكن بموجبه أبناء نسيب المتني من التعلّم على حساب الدولة، مستنداً بذلك إلى كتاب روح القانون لـ "مونتسكيو"، فضلاً عن أنه، وفي فترة  الـ8 أشهر التي أمضاها في وزارة التربية عملَ على مضاعفة موازنة الوزارة والجامعة اللبنانية، وافتتح عشرات المدارس الابتدائية، والثانوية، والمهنية في المناطق، كما عيّن الدكتور ادمون نعيم رئيساً للجامعة اللبنانية،  فنهض بها، وافتتح أكثر من كلية جديدة.

وتناول المتني أيضاً مرحلة الرئيس فؤاد شهاب، والمسح الاقتصادي الشامل لبعثة "ايرفد"، والدور الذي لعبه المعلّم الشهيد آنذاك، حيث استُحدثت وزارة التصميم العام، وتم إسنادها إلى المعلّم مع وزارة الداخلية، فقام المعلّم باستخدام مصلحة الإحصاء المركزي لإيمانه بأن "دولةً بدون أرقام صحيحة هي دولة بدون رؤية مستقبلية".

واستذكر المتني الشخصيات التي كانت إلى جانب المعلّم كمال جنبلاط في مهرجان دير القمر من أعضاء الجبهة الاشتراكية، وهم: كميل شمعون، بيار إدّه، غسان تويني، أنور الخطيب، إميل البستاني، وعبدالله الحاج. أمّا النواب والزعماء الذين شاركوا على رأس وفود فهم: حميد فرنجية، عادل عسيران، الرئيس تقي الدين الصلح، والدكتور نجيب فرح.

بعدها أجاب المتني على بعض أسئلة المشاركين.