Advertise here

عن مشهد المختارة الذي يختصر لبنان... هكذا يقفز جنبلاط من الزواريب الداخلية إلى العالمية

08 آذار 2019 08:11:00 - آخر تحديث: 08 آذار 2019 09:43:19

يجمع وليد جنبلاط في عالمه عوالم. بحركة بسيطة، أو مناسبة وحيدة، يمزج محطات التاريخ والجغرافيا. التضاريس التي بدأت على محيّاه وهو يوصي أبناءه بإبقاء الدار دار العدل والتسامح، ارتسمت بتعرّجات السنين وتموجات التواريخ. من يعرف عقل الرجل، يعي ما يكتنز. ومن ينظر إلى وجهه، لا بد له ان يقرأ التاريخ، ويشاهد بصمات النضال وخميرة الأيام. يشبك يديه خلف ظهره، ويسير جيئة وذهاباً كمن يحمل الزمن. يشير إلى إقبال شتاء العمر، بفتوة الذهن، واستشراف المستقبل. عقله لا يشيخ، كدور الدار.

كان لبنان كلّه بالأمس تختصره المختارة. المشهد يذكّر بالعام 1920. بعد قرن، لا يزال دور المختارة ريادياً. عام ولادة لبنان الكبير، لا ينفصل في المختارة عن عام الإستقلال في 1943، فتعانقت أعلام الإستقلال اللبناني مع أعلام فرنسا. وفي الكلمة الترحيبية والتكريمية للضيف الفرنسي الكبير الرئيس فرنسوا هولاند، كانت فلسطين حاضرة، من نكبتها إلى النكسة وعملية التهويد الممنهجة حالياً. وما بين تموجات الزمن من محطات ومحطات، أبرزها حقبة انتفاضة الاستقلال وثورة الأرز. وليس بعيداً عن ثورة الشعب السوري، التي ستنتصر ولو بعد حين، مهما طال الزمن.

كان في المشهد ولادة جديدة للبنان. لا تقوم على مبدأ القوة أو العددية، ولا الفعالية السلطوية. لا بل قائمة على المبدئية، مرتكزة على الحوار والاعتدال، بمواجهة أي تعصّب أو تحزّب أو قبلية. رمزية جنبلاط والمختارة أن الزوار يشعرون باحتضانها. يتكئ عليها جبل، أساساً صلباً لمرتكزات لبنان وقيامه وبقائه. يحمل جنبلاط الجبل على كتفيه. عقله في المستقبل، والهواجس التي قد تأتي. وقلبه مع شعب بحاجة لمن يحميه.

قالها أحد البارزين ذات مرّة واصفاً وليد جنبلاط، أيام بروز تنظيم داعش والمجازر التي كان يرتكبها بحق الأقليات والأكثريات. وتحديداً بعيد مجازر التطهير بحق الأيزيديين، فقال: " لو لم يكن للدروز زعيم كوليد جنبلاط، لكان مصيرهم كمصير الأيزيديين." يعرف وليد جنبلاط كيفية الإقبال أو التراجع، يمناه لا تفرغ من ثمار خبرته. في لحظة العنف يبقي خيار السلم قائماً، وفي حقبة الحصار، يجيد كسر السلاسل والقفز فوق الجدران، من الزواريب الداخلية إلى رحاب العالمية.