متى سيتبدّل القدر ويطوي المستقبل من الماضي صفحات مؤلمة؟ متى سننهض بواقعنا من التشرذم والتفرّق إلى التضامن والتكاتف؟ متى سنلتقي على المحبة والخير والتعايش والتكاتف؟ متى سنصبح مجتمعاً ناضجاً، مثقّفاً، واعياً، مرناً، يتقبّل كلٌ منّا الآخر دون الالتفات إلى طائفته ومذهبه؟ متى سنلملم جراحنا، ونمسك يدنا بيد بعضنا، ونعمل لإنجاح أنفسنا ومن حولنا؟ متى سنأمل أننا نعيش في وطنٍ متحضرٍ يضمن لنا المستقبل المشرق؟!
لبنان اليوم، نقولها وبكلّ أسف، دولة مختلة الموازين، مكبّلة الأيدي، ومشلولة الأرجل، غير قادرة على حكم نفسها ونيل اسقلالها الحقيقي.
واللبنانيّون يعيشون على رجاء حصول معجزةٍ سماوية تنقذ وطنهم من المستنقع الموحل الغارق فيه، والتجاذبات الخارجية والداخلية التي أنهكت قواه. وما زالون يحلمون بوطنٍ حرٍ مستقلٍ، قادرٍ على حكم نفسه بنفسه، ويعيشون فيه بكرامةٍ وهناء.
ولكنّ السؤال الذي يطرح نفسه متى سيتحقّق هذا الحلم؟!
حين لا نجد من يعرقل مشاريع البلد، فيكون حجر عثرة
أمام طموحات شعبه وتحقيق آمالهم.
حين تكون إرادتنا مبنيّة على التضامن، والتكاتف، والتعايش، والتلاقي في سبيل الخير والمصلحة العامة.
حين نمسك يدنا بيد بعضنا، ونلملم جراحنا.
حين نتخطّى الأنا، وننقّي أنفسنا من الأدران التي تسبّب الشقاق والخلاف بيننا.
حين نصبح أكثر إنسانية في التعاطي، وأكثر حباً واحتراماً لحقوق بعضنا، ولا نفرّق بين الطوائف والمذاهب.
حينئذ سيتحسّن الوضع ويطوي الزمان من ذاكرتنا صفحات مؤلمة.
كلّنا ابناء هذا الوطن، ويجمعنا شموخ العلم اللبناني، والأرزة الخالدة التي لا تنحني مهما جار الدهر عليها، ومهما أرهقتها السنون. ستبقى صامدة مخضرّة شامخةً بعنفوانها وجبروتها الأزلي.
لبنان وطن الحضارة والفكر، والذي صدّر الأبجدية إلى العالم، لذا يستحقّ منّا كلّ تضحيةٍ وعطاء.