Advertise here

كمال جنبلاط في ذكراه.. توقّع "مجاعة في دولة لا تحمي الثروة..."

08 كانون الأول 2020 07:25:38

في ذكرى ميلاد كمال جنبلاط كان الوحيد ربما منذ الحرب العالمية الأولى الذي وصف بعبارة «مجاعة» الحالة التي سينتهي إليها في لبنان نظام الريع الاقتصادي في دولة تسمي الاحتكار اقتصادا حرا! وكان ذلك خلال زيارة الزعيم الاشتراكي للكويت حيث أجريت حوارا معه (برفقة النائب الكويتي الدكتور أحمد الخطيب) لجريدة «القبس» التي نشرت العبارة يومها في «مانشيت» بعنوان «لبنان مهدّد بمجاعة»!

 

صحيح لم تحصل «المجاعة» ولاقت العبارة في حينه استهجانا في لبنان والكويت مقر صدور الجريدة، الا انها كانت استشرافا للحالة التي يمكن أن يصل اليها  لبنان في المدى البعيد وقد اقترب من مشارفها الآن.  

 

علما ان محاولة الاستشرافات والتوقعات معروفة لدى أهل الفكر بدليل ان الزعيم الصيني شو آن لاي قال في خمسينيات القرن الماضي: «من المبكر حتى الآن الحديث عن تداعيات الثورة الفرنسية على العالم»!! وقال عنها الجنرال ديغول «ان فرنسا في القرن العشرين ما زالت تنزف من جروح ثورة  1789»!

 

وذكرى كمال جنبلاط الآن توجب الاشارة أيضاً الى استشراف منه تخطى حدود لبنان الى العالم،  وذلك في الحوار نفسه الذي أجريته معه في ثمانينيات القرن الماضي وتوقع فيه انهيار الاتحاد السوفياتي في سنوات، وقد انهار في العام 1991 بعد ما يقرب من 10 سنوات من  استشراف جنبلاط  للحدث التاريخي الكبير. بل انه حدد في حينه أسباب الانهيار وطلب إليّ ان أقرأ كتابا  بالفرنسية عن الحنين المتزايد في روسيا الى «القوة الروحية الدينية» في مواجهة الالحاد الشيوعي، معتبرا ان هذه القوة الروحية الصاعدة ستكون الخطر الأكبر على النسيج السياسي لبنية الاتحاد السوفياتي. وهذا ما حصل. بدليل ان بوريس يلتسين في أول جلسة للبرلمان الروسي بعد حدث الانهيار وعد الشعب انه سيعيد بعث «القوة الروحية» للأمة الروسية. كما ان الدستور الروسي بعد الانهيار تضمن عقوبات على كل من يسيء الى «التراث الروحي».

 

وعن لبنان دعا كمال جنبلاط الى استلهام عدالة اقتصادية من طاقة روحية إنسانية. وفي مقدمة كتابه «أدب الحياة» الى وطن «ليس دكانا لتجار السياسة»  والى «رئيس جمهورية مهمته الأولى تحديث الديموقراطية في اتجاهين رئيسيين: حرية الانسان والمساواة الجوهرية بين المواطنين» في دولة حدد معالمها في افتتاحية له في «الانباء» بأنها «تتمرس بروح الشجاعة وبالفضيلة والكرامة، وبالحدب المحب المخلص على الفئات الاجتماعية الشعبية.. تتحرر من الطائفية السياسية وتحمي وتحرص على الثروة  العامة وتحقق اللامركزية الادارية وتنمية المناطق، وتضمن الحقوق الاجتماعية والاقتصادية لا سيما حق العمل وحق السكن وحق الاستشفاء وحق الرأي وحرية الفكر» في رسالة وصفها بأنها «شعلة مضيئة»، وقال عنها: «ان عليّ ان أجعلها أكثر ما تكون نورا وتألقا، قبل ان أسلمها للأجيال القادمة».