على وقع التوتر جنوباً… رسائل بين بعبدا وبيت الوسط

على وقع التوتر في الجنوب، تجدد التوتر السياسي في الداخل من بوابة الصلاحيات بين الرئاستين الأولى والثالثة مجدداً. في الوقت الذي كانت الأنظار فيه تتجه إلى ما يجري على الحدود الجنوبية، والاستفزازات التي يقوم بها العدو الإسرائيلي عبر استمراره في عمليات الحفر بالقرب من الخطّ الأزرق زاعماً البحث عن أنفاق جديدة لحزب الله. كان رئيس الجمهورية ميشال عون يمرر رسائل مصوّبة بشكل مباشر إلى الرئيس سعد الحريري.

أبدى عون امتعاضه من عدم إسراع الحريري في تشكيل الحكومة. وهو قد أوصل له رسالة يحدد له فيها مهلة زمنية للتشكيل أو أنه سيعمل على إرسال كتاب لمجلس النواب للبحث في خلفيات تعطيل الحكومة. مضمون كلام عون يعني أنه يفرض على الحريري التنازل من حصته، أو القبول بتشكيل حكومة من 32 وزيراً، يتمثل فيها العلويون والسريان. على أن يحصل الحريري على المقعد العلوي مقابل التنازل عن سنّي لصالح سنّة الثامن من آذار.

وبهذا الموقف، يكون عون قد غيّر موقفه خلال شهر ثلاث مرات. بداية رفض توزير هؤلاء النواب معتبراً أنهم غير منضوين في كتلة واحدة. وفيما بعد رسا على موقف سليمان الحكيم وأم الصبي، والذي ألمح فيه يومها إلى الحريري بضرورة التنازل، بينما الموقف الثالث فهو الإصرار على حشر الحريري بحكومة من 32 وزيراً، يرفضها الحريري بشكل قاطع لأنها تمثّل خروجاً فجاً على اتفاق الطائف، وتؤسس إلى أعراف جديدة مستقبلاً، خاصة أن تكريس وزير للعلويين يعني حكماً في المستقبل أنه سيكون تابعاً للنظام السوري.

وعليه فإن الأخذ والردّ سيستمر بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، خاصة مع إصرار عون على مراسلة مجلس النواب، ما سيضع البلاد على حافة توترات سياسية قد تعكسها أي جلسة ستناقش مسألة تأخير الحكومة، لأنها ستطال مسألة الصلاحيات، خاصة أن الضغوط استمرت في الساعات الماضية لجهة الذهاب نحو اختراع مخارج لإسقاط تكليف الحريري، مع التأكيد أن هذه التلويحات كلها تصب في خانة الضغط وليس غاية جدية لدى القوى الفاعلة والمقررة.

تسعى بعض القوى إلى لجم فتيل التوتر السياسي بين الرئاستين، خاصة أن البلد بحاجة إلى تعاضد في هذه الفترة، في ظل الرياح التي تهبّ عليه من الجنوب، ولا بد من مراقبة ما يجري بحذر واتخاذ أقصى التدابير لمواجهة أي طارئ. وفيما الوضع القائم يفرض الإسراع في الذهاب إلى تشكيل الحكومة، إلا أن الأساس يبقى لصون الاستقرار ومعادلة التهدئة في الداخل، وليس الاستثمار بالخلافات بين الرئاسات، خاصة أن من يسعون للاستثمار بهذا النوع من الخلافات كثر، وهذا في نهايته سيقود إلى أزمة نظام ولن يقتصر على أزمة سياسية فقط.

ربيع سرجون – “الأنبـاء”