لكل شيء حدود

كان ينقص “الجاهليّ” حدث ما ليظهر على الإعلام كبطل لا تقوى عليه جيوش جرارة ولا تجرؤ على المساس به قوة في الكون. فمن راقب وسمع طيلة الايام الماضية شاشات التلفزة الباحثة هي الأخرى عن “الاكشن” تنقل الخليط من التناقضات المرتسمة على وجهه، يستنتج ان الرجل يحاول إستغلال مقتل رفيقه والتفاف حلفائه حوله الى ابعد ما يحلم به.

محاولة التوظيف الاعلامي لحادث الجاهلية أظهر سعيا للتوظيف السياسي وتغيير معادلات بزنود الغير، فمسبب الحادث رسم خريطة طريق لمرحلة مقبلة اساسها “جبهة سياسية” قوية متراصة مدعمة بـ”جحافل وألوية” من بعض أنفار “العمل السياسي”.

مشهد أثار الضحك والسخرية والحزن في الوقت نفسه عند أهل الجبل قبل غيرهم، الضحك والسخرية من ظاهرة لا تعدو كونها “فقاعة” تخرج كلما نفخ بها البعض، وتتلاشى مع كل نسمة صغيرة، والحزن على ما يسببه صاحب هذا المشهد من خطر على الإستقرار الأمني في منطقتهم بما هو معروف عنه من إرتباطات مخابراتية ومن محاولات متكررة لضرب هذا الاستقرار، وتخوف الناس مما قد يكون مكلّفا القيام به.

بغض النظر عن مشروعية العمل السياسي – المؤمّنة أصلا أرضيته في الجبل، على عكس مناطق عديدة في لبنان – فإن أهل الجبل واعون ومدركون تماما لهذه الظاهرة – الفقاعة، الدخيلة على بيئتهم والمناقضة لتقاليدهم والتي لا ينظرون اليها سوى نظرة الريبة والخوف من شرورها. فأهل الجبل واعون بما يكفي ومتهيبون لأي عمل من شأنه الإضرار بإستقرار بلداتهم وقراهم، أو محاولة ضرب تقاليدهم المعروفية السمحة. ولذلك لن يكون من السهل بعد اليوم وتحت أي حجة اللعب باستقرارهم وبتقاليدهم. فلكل شيء حدود.

سامر ابو المنى – “الأنباء”