بين معمودية الباروك ويوم الجاهلية… شتّان ما بين قمع الحرية ومذكرة الإحضار

18 آذار 1951 لم يكن يوماً عادياً في تاريخ الحزب التقدمي الاشتراكي. نعم في ذلك اليوم “تعمّد حزبنا بالدم”، كما قال يومها المعلم الشهيد كمال جنبلاط، بعد سقوط ملحم أبو عاصي وحمزة أبو علوان وفايز فليحان شهداء في ساحة مهرجان الباروك بنيران القوى الأمنية، ذلك المهرجان الذي كان مقرراً لإعلان لائحة “جبهة الإنقاذ” التي كانت تضم: كمال جنبلاط، كميل شمعون، أنور الخطيب، إميل البستاني، غسان تويني، سالم عبد النور، فضل الله تلحوق، راجي السعد، شفيق الحلبي وجورج عقل.

يومها اتخذت السلطة قراراً بقمع المهرجان ومنعه في سياق سياسة فرض القمع وكمّ الحريات، وإذ به كان ركيزة الانطلاق في مسيرة نابضة بالنضال والتضحيات طوال تاريخ الحزب التقدمي الاشتراكي.

ومنعاً لتشويه هذه المحطة الناصعة في تاريخ لبنان وتاريخ الحزب، فإنه لزاماً على “الأنبـاء” التي واكبت ذلك اليوم التاريخي في أول عدد لها، أن ترد على المقارنة التي قامت بها محطة “الجديد” في نشرتها المسائية بين معمودية الدم في الباروك وما حصل في بلدة الجاهلية.

وللتوضيح، ومنعاً لحرق الحقاق وتشويهها، فإن كمال جنبلاط في ذلك النهار الأليم أصدر قرارات حازمة بعدم حمل أي نوع من السلاح في المهرجان، وعدم إعطاء السلطة أي ذريعة لتنفيذ الجريمة، كما يقول رئيس تحرير “الأنباء” السابق عزت صافي في كتابه “طريق المختارة”، والذي استشهد بكلامه تقرير “الجديد”، وأكثر من ذلك، أوفد إلى قائمقام الشوف في بيت الدين آنذاك بشارة حبالين، وإلى قائد فصيلة الدرك في مركز القضاء، وإلى رؤساء المخافر في القرى المحيطة بالباروك، من يبلغهم باسمه شخصياً أنه يتمنى عليهم أن يتنبّهوا إلى ما يدبَّر للمهرجان، وأن يقوموا بواجبهم كحماة أمن وقانون، وألا يكونوا أداة مؤامرة.

إلا أن ما حصل في ذلك اليوم كان تنفيذ مؤامرة محكمة بحق الحزب التقدمي الاشتراكي، وجرى قتل مناصريه غدراً وسط الجماهير. ولم يكن الحزب التقدمي الاشتراكي مطلوباً للمثول أمام القضاء، إنما كان يسطّر مرحلة جديدة من تاريخ لبنان.

فشتّان بين المقاربتين. ومنعاً لتشويه التاريخ، اقتضى التوضيح.

(الأنباء)