مرة جديدة أمام وجه بيار… والتحدي الأكبر

مرة جديدة نقف وجهاً لوجه أمام شهيد دفع حياته ثمناً لمبادئه ولحرية هذا البلد، إلا أن الوقفة أمام وجه الشهيد بيار الجميل قد تكون من الأصعب. ففي عينيه ثورة مستمرة وعتب كبير. فكم كان الثمن غالياً لوطن لا يزال أبناؤه يختلفون على انتمائهم إليه.

فكم هو صعب أن تقابل بيار الجميل عشية يوم استقلال نحتفل به بيوم خلال السنة ولا نمارسه أبداً.

كم هو صعب أن تستذكر بيار الجميل عشية استقلال أُنجز على صخور نهر الكلب، ولم يُنجز في السياسة، ولا في إدارة البلد الداخلية والخارجية.

فكم من الدماء الزكية نزفت من أجل سيادة البلد واستقلاله، وإذ به بلد يبحث عن أبسط مقومات الحياة لشعبه، فلا كهرباء فيه ولا ماء ولا هواء نظيفاً، وأما نفاياته فتسبح في بحره وأنهاره، كما يذوب الفساد في تفاصيل يومياته ومؤسساته.

12 عاماً مضت على استشهاد بيار الجميل، وعلى المرحلة الأصعب في تاريخ لبنان الحديث، والتي دفع فيها لبنان خيرة أبنائه على مذبح استقلال جديد ما كان ليُنجَز لولا دماء شهدائه.

إلا أن التحدي اليوم أكبر بكثير، بأن نحافظ على شهادتهم من خلال بناء دولة وحماية لبنان كواحة للعيش المشترك، وكنموذج في هذا الشرق للحرية والديمقراطية وحق المعتقد وحرية التعبير، وأن نحافظ على نهر دماء الشهداء العابر لحدود المناطق والطوائف، فكل قطرة دماء سقطت، إنما لتوحّد اللبنانيين لا لتفرّقهم بمتاريس جديدة وبقوانين انتخاب مذهبية وبممارسات سياسية أقوى من الرصاص.

ربما لا يزال الطريق طويلاً إلى الفجر الجديد، وإلى ذلك الحين، ستبقى عينا بيار حارسة لقافلة الشرفاء في هذا البلد، ومعها وجوه شهداء كبار سقطوا من أجل لبنان من كمال جنبلاط إلى رفيق الحريري.

(الأنباء)