عن التسويات الجريئة لجنبلاط: لكل حقبة ظروفها! / بقلم عارف ابو منصور

في كل حقبة تدخل فيها التسويات منذ سنوات ليومنا هذا، يكون الرئيس وليد جنبلاط المحرّك الأساسي والداعم الأول لهذا الخيار. نرى عندها الكثير من النقد والعتب من الرفاق والمناصرين، حيث جميعنا ننظر إلى الرئيس وليد جنبلاط نظرة القائد الثائر وصاحب المواقف الجريئة التي تغيّر واقع دولة وتقيل حكومات وتطرد جيوشاً.

نعم هو كذلك، وأكثر من ذلك. هو رجل كل مرحلة، ومتطلباتها أن التنازل مرجلة، والتسويّة قوّة، والتهدئة جرأة.

تأتينا اليوم تسويات جمّة في تأليف الحكومة، منها التنازل عن مقعد ثالث والقبول بمقاعد وزارية ربما تكون ليست على قدر آمال الجمهور، ولكن إذا نظرنا إلى الأسباب على الأقل الواضحة والعلنية، نرى أن وليد جنبلاط تمكّن من حقن فتنة درزية درزية كان ضحيتها الأولى الشهيد علاء أبو فرج وكادت تكون فاتحة لفتيل نار لا تنطفئ بسهولة.

من الناحية الأخرى، مصالحة الجبل هي الخط الأحمر الأول والأخير الذي يبذل وليد جنبلاط الغالي والنفيس للحفاظ عليها بعد أن سقط ضحية حرب الجبل الآلاف من الشهداء والمهجرين والجرحى.

إن قرارات الرئيس جاءت من قرار حازم بحقن الشارع والتوتر الذي زرعته الخلافات السياسية المتلاحقة.

إذا كنّا مؤمنين بحكمة وليد جنبلاط وقدرته، علينا التروّي بالنقد والأحكام المسبقة، رغم أن ما يحصل لا يحاكي الروح الشبابية الثورية التي تربّينا عليها في مدرسة الحزب الاشتراكي، حيث إن تاريخنا منذ تأسيس الحزب كان حافلاً بالثورات والحركات الطلابية النضالية والتمرد على الواقع. وكان آخرها ثورة الأرز التي سطّرت تاريخاً جديداً من المجد، وصنعت الاستقلال الثاني. وكان وليد جنبلاط دينامو الثورة وقائد الثورة الأول.

بعد هذا كله، نرى أن لكل حقبة ظروفها، ولم يخذلنا يوماً الرئيس بقيادته الحكيمة وإدارته للأمور. فكان دوماً يضع عيناً على الواقع وعيناً على المبادئ، ويقرر ما فيه الخير العام وما وجب فعله. وانتصاراتنا المتلاحقة كفيلة بتأكيد المؤكّد.

لا يُخفى على أحد اليوم الأخطار الكبرى التي تواجهنا إقليمياً واقتصادياً واجتماعياً، والبلد في حالة طوارئ يتطلب الخروج منها الكثير من الوعي والحكمة والتنازل، حيث نحن أمام خيارين، إما دماء ومجاعة ومستقبل أسود، وإما التنازل والحوار من الجميع للحفاظ على ما تبقى من وطن. هذا ورغم كل شيء، لم يفرّط الرئيس يوماً في صون حقوقنا وكراماتنا والوقوف إلى جانبنا في كل حقبة مهما علا سقف التنازل.

إلى رئيس الحزب والرفاق في اللقاء الديمقراطي، كان الله في عونكم لتمرير هذه الفترة المريرة بحكمتكم وجهدكم وقراراتكم الجريئة في طرح مشاريع القوانين التي تحاكي هموم الفقراء ومحاربة الفساد المستشري في قطاعات الدولة. وهذه بداية الإصلاح التي تمثّل شبيبة كمال جنبلاط، ما من شأنه أن يحافظ على الوطن ويحميه من الأخطار المتربصة.

*وكيل مفوض الشباب- وكالة داخلية البقاع الجنوبي