تجربة جديدة لمعاصر الدبس في راشيا لدعم المزارعين

راشيا- عارف مغامس

تجربة حديثة تخوضها بعض معاصر الدبس في راشيا، في محاولة لدعم المزارعين وإيجاد الحل الموضوعي المتاح للحد من كساد موسم التفاح الذي يعاني أزمة تصريف، مع دخول عدد من مزارعي بلدات قرى قضاء راشيا قصب سباق غرس هذه الشجرة التي تسجل نجاحات كبيرة، من شأنها أن تشغل مساحات زراعية جديدة في السنوات المقبلة، خصوصاً أن عشرات بساتين التفاح دخلت حيّز الإنتاج إلى جانب الزراعات المعهودة التي تشتهر فيها قرى راشيا.
معاصر دبس العنب التي ارتبطت تاريخياً بهوية راشيا وذاكرتها وتراثها منذ مئات السنوات انشغل بعضها بإنتاج دبس التفاح الذي تشتهر معاصر السويداء في سوريا بتصنيعه، بعدما انتقلت هذه التجربة قبل بضع سنوات إلى قضاء الشوف، لتحط رحالها هذا الموسم في بعض معاصر راشيا خصوصاً في “معصرة راشيا الحديثة”، بحسب ما لفت صاحبها ومشغّلها “نبيه أبو حجيلي”، الذي يعمل على خطَّي إنتاج دبس العنب بوصفه الصناعة التي ورثها عن الآباء والأجداد، وعمل على تحديثها وتطويرها لتحسين جودة المنتج وفرادته، وخط إنتاج دبس التفاح الذي كما قال: “نجحنا أولاً في إدخاله بتقنيات عالية إلى راشيا، ليس لمنافسة معاصر دبس العنب إنما للتخفيف عن المزارعين واستيعاب فائض إنتاجهم في ظل الأزمات الزراعية التي تعصف بلبنان منذ سنوات، وانسداد أفق التصدير إلى الخارج، تزامناً مع عدم قدرة السوق المحلية على استيعاب الكم الهائل من إنتاج التفاح.

أبو حجيلي الذي بدا منهمكاً بتسليم البضاعة لزبائنه ومتابعة نزل التفاح الذي يغلي فوق القدور الضخمة وتحتها نار هادئة، أوضح أن “تجربتنا نجحت بنسبة كبيرة جداً، رغم أنها المحاولة الأولى، فحصلنا على دبس تفاح عالي الجودة وبمواصفات مطابقة للشروط الصحية والغذائية، حيث استطعنا أن نستوعب قسماً كبيراً من إنتاج المنطقة وحتى من الشوف وحاصبيا، رغم بعض الصعوبات التي واجهت عملنا نتيجة ارتفاع كلفة تصنيعه عن كلفة تصنيع دبس العنب.

وأكد أبو حجيلي “أن تسويق فكرة إنتاج دبس التفاح تحتاج إلى بعض الوقت، لأن الأهالي في قرانا معتادون على دبس العنب، لكن الإقبال على التصنيع كان جيداً، موضحاً “أن التفاح البعل يعطي نتيجة أفضل من التفاح الذي يعتمد على الري الدائم”.

وعن طريقة التصنيع لفت أبو حجيلي إلى أن مبدأ تصنيع دبس التفاح هو نفسه مبدأ تصنيع دبس العنب عبر وضع عنصر أساسي هو “الحوّارة” التي تقوم بتنقية عصير التفاح وتصفيته، أي ما يسمى المصفار. والأمر الآخر والأهم هو سحب الحامض من التفاح ليصير مذاقه حلواً طبيعياً، دون إدخال مادة السكر التي تستعمل بكميات كبيرة مع معقود التفاح وفق الطرق التقليدية، بينما لا نضيف حبة سكر واحدة إلى دبس التفاح، الأمر الذي يخفف من السكريات ويقلل من الأمراض وهو منتج صحي وغذائي له فوائده.

وأشار مزارع التفاح “أبو فراس” محفوظ الحاج من بلدة عين عطا إلى أن تصنيع دبس التفاح في راشيا سيشكل خطوة متقدمة على مستوى دخوله سوق التصنيع الغذائي، وسيكون حلاً يفتح باب التصنيع عوض التصدير الخارجي الذي دونه صعوبات جمّة، وهذا من شأنه أن يشجع على زراعة التفاح والتوجه نحو عصر التفاح وتصنيعه، وتحويله إلى دبس.

وقال أحد مستهلكي دبس التفاح أن إدخال هذه الصناعة إلى منطقتنا سيكون له صدى إيجابي عاجلاً أم آجلاً، وسيدخل هذا الدبس كما دبس العنب في صناعة الحلويات وتحلية الغذاء دون الحاجة إلى السكر، سيما أن له فوائد صحية كثيرة.

(الأنباء)