هكذا ترك الحريري الباب موارباً أمام الحل… بعبارات ثلاث

على الرغم من الحسم والحزم اللذين ظلّلا موقفه. إلا أن الرئيس سعد الحريري، ترك الباب موارباً أمام الوصول إلى تسوية حكومية بشأن العقدة السنية. ردّ الحريري على الأمين العام لحزب الله، بأنه لن يتراجع، أي لن يسمّي وزيراً من سنة الثامن من آذار من حصته، لكنه تراجع في المضمون لناحية عدم معارضته تسمية أحدهم أو من يمثّلهم من حصة غيره. رفع الحريري شعار الدفاع عن صلاحياته. ومواجهة التدخلات في عمله وما ينصّ عليه الدستور. لكنه اعتبر بواقعية، أنه لا بد من الوصول إلى حلّ. النقاش الآن يتركز حول كيفية إخراج هذا الحلّ، ومن حصة من سيمثل نواب 8 آذار السنة، ومن سيمثّلهم.

قالها الحريري بالفم الملآن، إنه لا بد من الوصول إلى حلّ، وحزب الله يتحمّل مسؤولية التعطيل. وهذه الجملة على الرغم من وضوحها في توجيه الاتهام إلى حزب الله، إلا أنها تنطوي على مناشدة الحريري المعنيين التدخل لحلّ العقدة وتشكيل الحكومة حرصاً على الاقتصاد. وعليه فإن الباب ترك مفتوحاً أمام المسعى الذي يقوم به الوزير جبران باسيل للوصول إلى حلّ وسط، وبحسب المعلومات فإن مبادرة باسيل تنص على تسليم النواب السنة المستقلين، لخمسة أسماء لوزراء مقترحين من قبلهم لرئيس الجمهورية على أن يختار واحداً بينهم.

عملياً يحفظ هذا الحلّ ماء وجه الجميع، بحيث لا يظهر الحريري وكأنه قد قدّم تنازلاً، ولا حزب الله تراجع. ولكن السياق السياسي الأبعد، سيكون قد كرّس جملة معطيات، اعتراف الحريري بوجود ثنائية سنّية، ستعمل على تعزيز وضعيتها مستقبلاً، لأجل حصد عدد أكبر من مقاعد التمثيل، وثانياً تكريس سابقة في عملية تشكيل الحكومة، لجهة فرض طرف معين شروطاً معينة، وعدم تسليمه أسماء وزرائه قبل تحقيق هذه الشروط، وهذا منحى يتجه نحو ضرب الطائف الذي ينص على وجوب المشاركة بين رئيسي الجمهورية والحكومة حصراً في عملية التأليف.

ثلاث جمل مفتاحية قالها الحريري، إنه لن يتصرّف بمنطق أم الصبي مجدداً لأنه لم يعد قادراً على إقناع نفسه بها، وهذه إشارة إلى معرفته بأن مواقفه التراجعية لم تعد تلقى قبولاً في شارعه وبيئته. والثانية بأنه أب السنّة ويعرف مصلحتهم، وهذه إشارة منه إلى ضرورة شدّ العصب السنّي، ولكنها أيضاً تنطوي على ما يناقض توجه المستقبل الذي لطالما قدّم نفسه تياراً عابراً للطوائف. والعبارة الثالثة أن ما بينه وبين باسيل، لا يريد تنازله في الإعلام، في إشارة منه إلى التفاهم المسبق بينهما، والتنسيق الدائم، الذي لن يتوقف عند حدود إيجاد مخرج للعقدة السنّية، بل سيستمر في المستقبل.

*ربيع سرجون – “الأنباء”