باسيل على خط الوساطة الحكومية… والأبواب مفتوحة

الأنظار متجهة إلى الموقف الذي سيطلقه الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري للرد على الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. كل المعطيات تفيد بأن اتصالات عديدة جرت طوال يوم أمس لأجل لجم الحريري عن الذهاب إلى تصعيد مضاد ردّاً على تصعيد نصر الله، وبالتالي إبقاء أبواب الحلّ مفتوحة للوصول إلى حكومة وحدة وطنية. مرتكز الاتصالات كان محوره اللقاء الذي عقد بين الرئيس نبيه بري والوزير جبران باسيل للبحث عن مخرج لعقدة سنة 8 آذار.

يعمل باسيل على إيجاد صيغة حلّ وسط، وهو بعد أن تراجع عن موقفه بوصف العقد بالسنية الشيعية، وصفها من عين التين بالعقدة الوطنية، ما أوحى بتغير موقفه بعد لقائه نصر الله، وهذا من المفترض أن يستتبع بإيجاد مخرج، كتنازل رئيس الجمهورية عن الوزير السني من حصته لصالح وزير سنّي يمثل نواب 8 آذار، أو من يختارونه. وعلى هذا الأساس تحدّث باسيل عن أجواء إيجابية وعن إمكانية ولادة الحكومة قريباً، معلناً أنه سيلتقي رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، أيضاً للبحث عن مخرج لإنجاز التسوية.

وفيما كان الحريري قد أعلن يوم إبرامه التسوية الرئاسية مع ميشال عون، أنه يقدّم كل هذه التنازلات، في سبيل الحفاظ على الطائف والمؤسسات، لا بد من الوقوف وقفة واقعية أمام ما جرى منذ خمسة أشهر إلى اليوم، ليتبين أن التسوية تتبدد لحظة تضارب المصالح بين أركانها، وبالتالي تتعطّل المؤسسات، أما الطائف، فقد يصبح من عداد المرحومين، وتلك إشارة أرسلها جنبلاط، على غرار إشارة سابقة كان قد أرسلها في العام 2014، معلناً وفاة اتفاق سايكس بيكو.

ما يقصده جنبلاط بسقوط الطائف، ليس بالضرورة من ناحية النص والدستور، بل على صعيد الممارسة، اذ أمعنت السياسة في تهشيم الاتفاق والقضاء عليه، سواء من حرب الصلاحيات التي فتحت بين رئيسي الجمهورية والحكومة قبل فترة، أو حول تكريس حزب الله لمنطق عدم تسليم أسماء وزرائه قبل تحقيق ما يريد، وبالتالي تحوّل حزب الله إلى طرف مقرر في عملية تشكيل الحكومة إلى جانب الرئيسين، وهذه سابقة، لا بد من التوقف عندها ملياً.

لن يكون سعد الحريري بوارد التصعيد السياسي، بمعزل عن الموقف الكلامي الذي سيطلقه، وسيرد فيه على نصر الله، برفض مطالعاته وبعض الشروط التي فرضها، فيما الحريري لن يتنازل عن وزير من حصّته لتوزير سنة الثامن من آذار، وهذا المخرج الذي يحاول باسيل الوصول إليه، عبر تسمية وزير يتوافق عليه الجميع، من حصة رئيس الجمهورية.

لكن من دون شك، إن الازمة التي فتحت، حتى وإن أوصلت إلى تشكيل حكومة، إلا أن ما بعد ولادة الحكومة، سيكون الجهاد الأكبر، سواء على التصعيد السياسي بين الأفرقاء، بحيث ستتحول طاولة مجلس الوزراء إلى ساحة تصفية حسابات، أو من الناحية السياسية الأوسع، إذ أن كل المؤشرات تفيد بأن لبنان مقبل على مرحلة صعبة للغاية، وضغوط دولية هائلة، ليس من المعروف بعد كيف سيتم التعاطي معها، خاصة أنها مرتبطة بالهم الاقتصادي الذي يتقدّم على كل الهموم، والذي يقف على شفير الانهيار.

ربيع سرجون – “الأنباء”