تقلا شمعون… بها وحدها يليقُ “النرجس”!

لم تخطئ كلوديا مرشليان في منح اسم “نرجس” للممثلة تقلا شمعون في دورها في مسلسل “ثورة الفلاحين”. ببساطةٍ هي نرجسةُ الشاشة وريحانتُها. تقلا شمعون التي تُبكي إن تفوّهت وتُدمِع إن صمتت. تقلا شمعون، تلك الممثلة الفوّاحة التي تنثر عبيرها العابر للشاشات، حدّ أن المشاهد يشتمّ رائحة نرجسِها يعبق في أرجائه.

غريبةٌ تقلا شمعون. غريبةٌ كيف أنها تحتالُ على المشاهد. تُقنعه بما تقول بكلامٍ يسير. تُقنعه بما تريدُ قولَه بتعابير وجهٍ يسيرة. لا تبذل تلك الممثلة جهدًا لإقناعنا، للتأثير فينا، لتدمير ذواتِنا ودفعنا إلى التماهي مع شخصها وشخصيّتها. لا تستأذنُ كثيرًا من القلوب والعقول لتتسلّل إليها بعينين ذابلتين نادرًا ما تتلقفان النور ومع ذلك تبثّانه في النواصي كلّها.

هي نرجسُ القصر، نرجسُ البلاط التي يتألمُ فؤادها لألم الفلاحين. شديدةُ التعاطف مع أبناء الأرض، مع سير الفلاحين وعرقهم، مع توقهم إلى الحريّة. لا شرور في قلب نرجس، هكذا ارتأت الكاتبة وعدسة المخرج. أراداها زهرة القصر، تجول في زواياه باحثةً عن خلاصٍ لثورةٍ هي ابنتُها ولكنها لا تجرؤ على البوح بما في اختلاجاتها.

نادرًا ما تمرُّ حلقة من دون دورٍ جوهريٍّ لنرجس. نادرًا ما تمرُّ حلقةٌ من دون ظهور الثنائي نرجس (تقلا شمعون) وأيوب (فادي ابراهيم). هذان الكبيران اللذان ارتباطا سرًّا رغمًا عن أنف الطبقيّة المستفحلة. هي المخلّصة المُخلصة التي سيكون لها الدورُ المحوري في رسم النهايات المنصفة ربّما والتي لا بدّ من أن تتجسّد في الحريّة المنشودة. وكأني بكلوديا مرشليان أرادت أن تصون تقلا شمعون من بغض الناس، أرادت أن تحفظ لها مكانتَها في القلوب، أرادت أن يتذكّرها المشاهدون بثورةٍ من الحبّ والتعاطف والدعاء. لا تحتمل تقلا شمعون دورًا شرّيرًا قاسيًا، فهي وإن أجادته لن يصدّقها الناس. ستفضحها عيناها لا محال، ستقولان في الملأ: هذه السيدة تمثّل عليكم، لا تصدّقوها.

اليوم نصدّق تقلا شمعون، نصدّق نرجس الجميلة الهادئة الحالمة القريبة رغم أنها من طبقة بعيدة. نصدّقها لدرجة أننا نخشى عليها من شرّ الطامعين بالسلطة. نصدّقها لدرجة أننا لا نريد لدورها أن ينتهي، لا نريد لها هي أن تنتهي، لا نريد للمسلسل أن ينتهي.

إشارة إلى أن تقلا شمعون تؤدي دورًا آخر في مسلسل يُعرَض بالتزامن مع “ثورة الفلاحين (على شاشة أل بي سي) وهو مسلسل كارما (على شاشة أم تي في).

رامي قطار- “الأنباء”