«أبو عمار».. رجل القضية والكوفية

البرفسورة وداد الديك (المستقبل)

في الذكرى الرابعة عشرة لرحيل ياسر عرفات «أبو عمار» رجل القضية والكوفية.

أردت أن أكتب في ذكرى استشهاد ياسر عرفات ذلك الشخص العظيم والرمز الوطني والزعيم العربي والعالمي مقالاً يخلّد ذكراه. كان الرئيس الشهيد ياسر عرفات رجلاً يختصر قضية، وقضية تختصر رجلاً وكان يُعتبر من شخصيات الصراع العربي الإسرائيلي المحورية والتي ارتبط اسمها بالقضية الفلسطينية فضلاً عن أنه كان قائداً فاعلاً على الساحة السياسية العربية والإقليمية ومحركاً رئيسياً لأحداثها.

لُقِبَ الزعيم الفلسطيني العروبي ياسر عرفات بـ«أبو عمار» فكان النجم الأعظم في سماء الحرية وحب الأوطان، وكان قمراً فلسطينياً يزداد لمعاناً مهما تعاقبت الأزمان. لن يخفت نوره الوهاج أبداً على هذه الأرض لأنه أسطورة حرية عالمية تعبّر عن حرية واستقلال الشعوب المقهورة.

إذا ما أردت الكتابة عن ياسر عرفات لأذكر سيرته الوطنية فإن الأقلام باختلاف ألوانها الوطنية والسياسية ستقف كثيراً أمام هذا الرجل العظيم، وستعجز عن ذكر مزاياه وصفاته العظيمة ووصف شخصيته الخاصة التي يتعامل بها مع من حوله ومع فريقه وشعبه.

العظماء هم فقط من يصنعون التاريخ بمواقفهم وأفعالهم الوطنية التي يتركونها كإرث ناصع لتنهل منه الأجيال اللاحقة، لذلك فإن ياسر عرفات ورفيق الحريري وكمال جنبلاط أحد أعظم صنّاع التاريخ وسيبقون رمزاً تاريخياً يقتدي بسيرتهم العطرة المتشوقون لحرية الأوطان.

العظماء لا يموتون أبداً لأن أرواحهم ترفرف حولنا. ومن أعمالهم وتعاليمهم نستمد عزيمة الأحرار لمواصلة الكفاح والنضال.

ياسر عرفات ما هو إلا اسطورة للحرية ورمزاً وقائداً وزعيماً تاريخياً مهيباً، وذو كاريزما ساحرة وقوية ومقنعة يجعلك مستمعاً إليه بإنصات تام، ولا يجرؤ أحد على مقاطعته عندما يتكلم لأن أبو عمار كانت لا تفوته صغيرة ولا كبيرة تخصُّ فلسطين إلا ويعلمها. كرس حياته كلها للقضية الفلسطينية وكان يردد دائماً عندما يسأل لماذا لم تتزوج حتى الآن يا أخ أبو عمار فكان جوابه «أنا متزوج من القضية الفلسطينية».

كان أبو عمار يحرص كل الحرص على متابعة الأحداث ومعرفتها والتنبؤ بها قبل وقوعها، لذلك كان ذا إطلالة ثورية خاصة وكان يحاول دائماً أن يحافظ ويحمي استقلالية القرار الوطني الفلسطيني بكل قوة بعيداً عن الرضوخ للآخرين. فقد تمسك بقراره المستقل منذ البدايات وحتى الرمق الأخير من حياته، لذلك بذل الغالي والنفيس وضحى بالدماء الطاهرة من أجل الحفاظ على ذلك القرار الوطني الفلسطيني المستقل.

ويذكر العالم أجمع مدى تمسك ياسر عرفات باستقلالية قراره الثابت والراسخ والذي تجلّى عندما حوصر في المقاطعة في رام الله ورفضت إسرائيل السماح له بالخروج وهددته بعدم العودة إذا خرج منها، فرفض أن يخرج تاركاً شعبه وحيداً ورددّ قائلاً كلماته التاريخية «يريدوني إما قتيلاً أو أسيراً أو طريداً.. لا.. أنا أقول لهم: شهيداً.. شهيداً.. شهيداً».

تلك العبارة كان يرددها وهو محاصر، وإن دلت على شيء فإنما تدل على التحدي والتمسك بحق شعبه والتمسك بالكرامة الوطنية، وإن كانت روحه ثمناً لذلك. لقد كان التمسك والحفاظ على القرار الوطني الفلسطيني المستقل من أهم الأسباب التي حولته الى رمز لشعب سُلبت حريته وأرضه، كما أن استقلالية القرار من عوامل النجاح الهامة جداً للقائد الشجاع لأن المرء يكون سيد نفسه ولا يكون ألعوبة بيد الآخرين.

لقد كان أبو عمار سيد الأحرار والثوار، هو فخر العروبة وأحد الرموز العالمية للحرية أمثال مانديلا وغيفارا وغاندي وبومدين وغيرهم. فقد كان يُحارب أعظم قوة استعمارية وهي إسرائيل العنصرية التي اغتصبت أرض فلسطين وشردت شعبها.

لم ولن ننساك يوماً أنت والعظماء أمثالك، رفيق الحريري كمال جنبلاط لأننا سنبقى على العهد والقسم وسيبقى شعبك سائراً على دربك لإكمال المسيرة الوطنية حتى النصر.

أيها العظيم ياسر عرفات (الختيار) سلام إلى روحك الطاهرة وسلام عليك وسلام يوم تبعث حياً.