جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

محمود الاحمدية

في القرى شمالاً وجنوباً وبقاعاً وجبلاً وعاصمةً… ماذا نرى؟ الفحش والغنى الصاعد يتنقلان عبر أحدث سيارات فاخرة لا حدود لأسعارها إن قلت ماية ألف أكثر… مايتي ألف أكثر! نصف مليون دولار أميركي طبعاً قل أكثر… ومن جهة أخرى أكثرية ساحقة من سيارات علاها غبار الفقر والعوز والتعتير! إنها عصفورية متنقلة في شوارع أصبحت من القرون الوسطى نسبة لعواصم الدنيا وتطورها القريبة منا والبعيدة…!

نكبة هذا الوطن وهذه المنطقة في جماعة من الجشعين وصل تعدادها في لبنان وحسب إحصائية مجلة لونوفل أو بسرفاتور 480 عائلة سرقت حوالي 50 مليار دولار القروض التي أتت من أجل الكهرباء والماء والنفايات والبنى التحتية وذكرتهم بالأسماء ولم يتجرأ أحدٌ أن يعترض أو يكذب… إنه عهر وسادية وقلة ضمير… إنهم لا يكتفون ولا يشبعون ولا يقنعون… كلما نهبوا وسلبوا انفتحت شهيتهم أكثر فأكثر للسلب والنهب… لم يقرأوا التاريخ ولم يعرفوا أنّ دولاً أسقطها الجشع وأن أفراداً أفلسهم الطمع وأن ثروات ضاعت مثلما أتت!.
الواحد منهم ينتهز قربه من صاحب النفوذ وصاحب السطوة، حتى يمد يده إلى جيوب الناس ويأخذ ما فيها أو يعبث بأصابعه في خزائن الدولة من ضرائب وقروض فيغرف منها وهو يقهقه ضاحكاً والشعب يتألّم ويحترق ومنهم الغاشي والمتمسح! والله يساعد الواعي في هذا الوطن…

هذه الحاشية الفلكية البذخ والغنى تشارك في المناقصات وتتقاسم في الصفقات وتساهم في الشركات… ولا يهمها أن تكون شريكته في مصنع للعقول الإلكترونية أو في محل لبيع الأحذية والبوالين وزينة الأعياد! ولا يضيرها أن تكون مالكة في مصرف كبير وشريكته في الوقت نفسه في كوخ صغير! لا يهم نوع العمل المهم أن تكسب في كل شيء ولا تترك أحداً في المدينة يربح بغير أن تقاسمه ربحه…
ويتعب أصحاب المشاريع وأصحاب الأدمغة ويشقون ويعطون من مالهم وعرقهم وتعبهم وبعض المرات من دمهم، أما أصحاب النفوذ فيضعون ساقاً على ساق ينتظرون أن تمطر السماء ذهباً وفضة من أصحاب المشاريع دون أن يقوموا بأي جهد! هؤلاء الناس يسمون أنفسهم “كبار رجال الأعمال” من محاسيب أصحاب النفوذ والسلطة! ويسمهيم الناس كبار لصوص البلد من أصحاب النفوذ والسلطة!.
وكثيراً من الحالات أصحاب النفوذ لا يعرفون ما يجري تحت أنوفهم ووراء ظهورهم ولكنهم يدفعون الثمن من سمعتهم وكرامتهم ويبدون أمام الناس مغفلين لا يعرفون ما يجري من حولهم وينتهي بهم الأمر أنهم عندما يرون الثروات تتكدس وبريق المال يعمي ولا من حسيب أو رقيب ينغمسون هم أنفسهم في العمليات والصفقات والخبطات!.

لننظر حولنا كم من رؤوس تدحرجت وكم من أنظمة انهارت وإن انتكس الربيع العربي ولكن في المحصلة سقطت رؤوس كبيرة وتدحرجت أنظمة عاتية على الزمن وأريد أن أسجل كلاماً أعتز به سمعته وتمعنت به ودون تردد أقول: إن أشرف ثورة يطلق عليها أنها بنت الشعب وسببها المشترك الفقر والظلم والجشع هي ربيع مصر في بداياتها وقبل أن يركب الموجة الإخوان المسلمون… الشوارع التي أسقطت النظام امتلأت الشوارع بها وجامعها المشترك الفقر والشعور بظلم النظام وفقدان الحرية… جامعها “الفايسبوك” الناس لا تعرف بعضها… واستطاعت إسقاط النظام في وطننا الكريم… كل يوم يحمل الجديد من القهر والعذاب والظلم والفقر وهم يتلهون في التحاصص أي في النهب والسرقة والركض وراء الوزارات الدسمة! يا عيب الشوم والشعب يموت… نهبوا المليارات والشعب يموت! يتقاتلون على وزارة والشعب يموت! هذا الشعب نفسه كما قال كمال جنبلاط قبل نصف قرن من الزمن سيدوس قصورهم وسياراتهم ونفختهم الكاذبة وأوداجهم المحمّرة من التخمة… ماتت ضمائرهم منذ زمن ولكن حساب الشعب آتٍ!!…

(الأنباء)

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة

السفير المطرود ظلماً وقهراً