دهاليز الكهرباء المعتمة

المهندس محمد بصبوص

في ظل مبررات الحاجة إلى استمرار المرفق العام والمحافظة على المستوى الحالي للتغذية بالتيار الكهربائي، ثُبّت المبلغ المطلوب من مؤسسة كهرباء لبنان لتغطية ثمن الفيول البالغة قيمته 640 مليار ليرة حتى نهاية العام 2018، على الرغم من تفاوت الصيغ المقترحة للحل والتي تراوحت أشكالها بين سلفة خزينة (غير قابلة للاسترداد) أو اقتراح قانون معجل مكرر. بصرف النظر عن الشكل القانوني للمبلغ المطلوب وعن كيفية تأمين الإيرادات اللازمة له، إذ إن هذه القيمة غير متوفرة في احتياطي الموازنة، إلا أنه من المؤكد أن المليارات المشار إليها لن تسترد وسوف تضاف حكماً إلى عجز الموازنة، وسوف تساهم في مراكمة دين إضافي إلى الدين العام.

أما شكوى مؤسسة كهرباء لبنان من نقص مادة الفيول، فقد تُترجم انخفاضاً حادّاً في ساعات التغذية، ما لم تعمد الدولة إلى ابتكار حلول سريعة قبل نفاذ الوقود الذي تبين بشكل مريب أن المؤسسة تعمد إلى بيع كميات كبيرة منه، وقد درجت على هذه العادة كما هو مبين في موافقة وزير الطاقة على طلب منشآت النفط شراء كمية من الفيول من مؤسسة كهرباء لبنان.

لم تتوقف إنجازات المؤسسة عند هذا الحد، فهي تعمد إلى تسليم كميات كبيرة من الفيول إلى شركة كهرباء قاديشا على سبيل الإعارة.

إنها مخالفة صريحة للأنظمة والقوانين. فكيف لمؤسسة كهرباء لبنان التي تتذمّر من شح الفيول، أن تقوم ببيع هذه المادة؟ وكيف يعاد استخدام المقبوضات من جهة أخرى؟

أما المبلغ المطلوب اليوم فتكاد قيمته توازي قيمة تنفيذ مشروع دير عمار التي بلغت في حينه حوالي 361 مليون يورو ولم تكن لتتجاوز الـ 700 مليار ليرة، مع انخفاض سعر صرف اليورو من حوالي 1.3 د.أ إلى أقل من 1.2 د.أ.

بعد أن طالب وزير الطاقة بتأمين تمويل لمشاريع النقل لأربعة أعوام بقيمة 555 مليار ليرة، ها هو يطالب بتوفير تمويل إضافي لشراء المحروقات للفترة المتبقية من السنة الجارية 2018، بقيمة تتجاوز كامل تكلفة خطة النقل المفترض أن يوفر تنفيذها إمكانية نقل وتوزيع أي زيادة قد تتوفر في مجال إنتاج الطاقة، أياً كان مصدرها.

بعد أن استشرى المرض وتحكم بمفاصل قطاع الكهرباء، لا بد من إيجاد الصيغة المناسبة لإعادة الاعتبار إلى استقلالية مؤسسة كهرباء لبنان من خلال التأكيد على تطبيق ما نص عليه القانون 181/ 2011 لناحية تعيين مجلس ادارة جديد للمؤسسة وتعيين الهيئة الناظمة للقطاع واستكمال تعديل القانون رقم 462/2002، إضافة إلى ملء الشواغر في المراكز القيادية في المؤسسة بصيغة قانونية.

(الأنباء)