ضرب جديد للدستور: المطالبة بالمناصفة في الإدارة والإصرار على التعطيل!

ارتفعت بعض الأصوات في الأيام الأخيرة مطالبة بالمناصفة في الإدارة العامة بين المسلمين والمسيحيين، في سياق يأتي استكمالاً لتعطيل دورات مجلس الخدمة المدنية وعدم توقيع مراسيم الناجحين من خلاله بحجة غياب التوازن الطائفي.

إلا أن المطالبة بكل صراحة بالمناصفة في الإدارة العامة أمر يتناقض تماماً ومضمون الدستور اللبناني، وتطبيقها يستدعي تعديلاً للدستور، إذا ما كان أصحاب هذه الدعوات يرغبون في ذلك.
فمنذ أواخر الستينات ومع إنشاء مجلس الخدمة المدنية كانت الغاية من هذه الخطوة انتقاء أصحاب الكفاءة للدخول إلى ملاك الإدارات العامة، وقطعاً للطريق على كل أشكال المحاصصات الطائفية والحزبية والمناطقية.

وقد تكرّس هذا المبدأ في الدستور اللبناني حيث نصّت المادة 95 منه بنسختها المعدلة في وثيقة الوفاق الوطني في الطائف على ما يأتي:

أ – تُمثل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة.

ب – تُلغى قاعدة التمثيل الطائفي ويعتمد الاختصاص والكفاءة في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكرية والأمنية والمؤسسات العامة والمختلطة وفقاً لمقتضيات الوفاق الوطني باستثناء وظائف الفئة الأولى فيها، وفي ما يعادل الفئة الأولى فيها، وتكون هذه الوظائف مناصفة بين المسيحيين والمسلمين دون تخصيص أية وظيفة لأية طائفة، مع التقيد بمبدأي الاختصاص والكفاءة.

فالمادة 95 من الدستور واضحة لجهة عدم اعتماد المعيار الطائفي في كل الوظائف العامة وفي كل الفئات باستثناء الفئة الأولى، وانطلاقاً من تجربة العامين الماضيين فإن هذه المادة معطلة وتم نسفها من خلال حجب الحق عن مئات الناجحين في مجلس الخدمة المدنية وفي عدة وظائف أساسية في التعليم والطيران المدني ومأموري الأحراج والمحاسبين وسواهم، مع العلم أن حقهم بالنجاح قد تم حفظه من قبل مجلس النواب بناء على طلب الرئيس نبيه بري وفي آخر جلسة لحكومة الرئيس سعد الحريري.

وانطلاقاً من الدستور فإن كل الممارسات التي تحصل هي غير قانونية، وإذا كان هناك من إرادة في البلد لدى البعض لتعديل الدستور، فليقولوا ذلك صراحة، وحينها تبدي القوى السياسية رأيها وموقفها، ولكن أي سلوك آخر ليس إلا انتقاصاً من سيادة القانون ومن دستور البلاد الذي أقسم عليه كل مسؤول في البلد وكل موظف وقاضٍ.

(الأنباء)