حزب الله وإسرائيل… وحكاية القرون الوسطى!

واضحٌ أنّ الداخل الإسرائيلي يعير أهمية قصوى لحزب الله هذه الأيام. فما من كلمة تصدر عن أمين عام الحزب أو أحد نوابه ووزرائه إلا ويأخذها الإسرائيليون على محمل الجدّ ويطلقون صفارات تحليلاتهم من ضربةٍ آتية.

جليٌّ أن حزب الله ليس في وارد “الحركشة” لا هذه الأيام العصيبة للبنان ولا حتى بعدها. فتوافق الأفرقاء اللبنانيين على إرساء وتيرة استقرار يُبعد كلّ الفرضيات المتحدّثة عن حربٍ مقبلة يستهلها حزب الله من الداخل اللبناني. وأبعد من ذلك، ليست إسرائيل في وارد العبث في لبنان رغم وابل التهديدات الكلامية لأسبابٍ عدة يتقدمها اثنان: يقين العدو بأن الأسلحة التي طورها حزب الله قادرة على إحداث توازن غير مسبوق في ميزان القوّة وفي معادلة الردع هذه المرة، إذ إن حزب الله العسكري في العام 2018 ليس نفسه حزب الله في العام 2006. وثانيهما، الوجود الروسي الفعّال في المنطقة وحذر الإسرائيليين في التعاطي مع موسكو بعد إسقاط الطائرة الأخيرة في سورية، وهو ما سيتجلى في اجتماع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قريبًا.

إلى ذلك، يدير الإسرائيليون آذانهم جيدًا إلى كل التحذيرات المنهمرة عليهم من لبنان وحتى من داخلهم. فشاهدان من أهل البيت شهدا تزامنًا في غضون ساعاتٍ على خطورة أسلحة حزب الله وقدراته العسكرية، أولهما نتنياهو الذي أكد أن بقاء مرتفعات الجولان تحت السيادة الإسرائيلية هو ضمان أمن إسرائيل، وأن على المجتمع الدولي أن يعترف بذلك لأن عدم بقاء الجولان تحت السيادة الإسرائيلية سيعني وصول “حزب الله” وإيران إلى ضفاف بحيرة طبريا”. أما ثانيهما فورد على لسان المؤرخ العسكري الإسرائيلي، أوري بار يوسف، الذي حذر من قدرة حزب الله على إلحاق تدمير هائل بالعمق الاستراتيجي الإسرائيلي، مشددًا على أن الحزب قادر على “إعادة إسرائيل إلى القرون الوسطى”.

ذاك الإقرار الذي ترافق مع تأكيد بأن إسرائيل لا يمكنها أن تجرّد حزب الله من قدراته الصاروخية، يعني تمامًا وعي إسرائيل بأن أي حربٍ افتعالية ضدّ لبنان ستُقابل بردٍّ لا تُحمَد عقباه قد يكون تصعيديًّا حدّ التدمير. ويتمسّك حزب الله هذه المرة ليس فقط بسلاحه بل بالتفافٍ رئاسي حوله عبر عنه الرئيس ميشال عون في غير مقابلة ومحفل دولي.

وبالحديث عن قدرات حزب الله الصاروخية، وبعيدًا مما يخفيه الحزب من باب “المفاجأة”، يقرّ الإسرائيليون بأن صواريخ الحزب قادرة على الإصابة ضمن دائرة عشرة أمتار عن الهدف، فضلًا عن فرضيّة حصوله على أسلحة ردعٍ شبيهة بتلك التي تظهر أخيرًا في سورية ويستخدمها النظام للتصدي للطائرات والصواريخ.

*رامي قطار- “الأنباء”