“الباتنجان” يليقُ بنا…

“هالباتنجان طيب مقلي هالباتنجان طيب مشوي هالباتنجان طيّر عقلي… لقّحلو”. في زمن الإسفاف والفلتان المتمادي في المجالات كلّها، لا بل الابتذال الذي ما عاد يعترفُ بحدود والمستشري في معظم مفاصل المجتمع والدولة، تطالعنا “الفنانة” دانا الحلبي بتُحفتها الجديدة بعنوان “باتنجان” والمذكور مطلعُها آنفًا. بعد “الشوكلاطة” حان دور “الباتنجان” ليكون ضحيّة سخافات لا تنفكّ تطلّ علينا بين الحين والآخر نحن الغارقين في همومنا.

واللافت في البيان الصحافي الذي وزعه مكتب “الفنانة” دانا على الصحافيين أن ما جاء فيه يناقض تمامًا ما تراه العين وما تسمعه الأذن في الفيديو الجديد: “بعد النجاح الساحق الذي حققته أغنية “أموت بالشوكلاطه” أطلقت الفنانة دانا الحلبي أغنيتها الجديدة بعنوان “باتنجان” من كلماتها… موضوع الأغنية مستمدّ من الجو الأفريقي، جريء من حيث النوع بعيدًا من الجرأة المبتذلة التي تسود الوسط الفني حاليًّا، بل تحاول الحلبي تقديم نوع من الفن الخاص بها، وتسعى إلى إبراز مقدراتها التمثيلية وإيصال رسائل من خلال هذا المجهود”.

ليست اللائمةُ على فنانة “الباتنجان” التي لا تجدُ في مجتمع الفلتان روادع أو ضوابط تنهيها عن هذا التشويه السمعي-البصري، بل على الشعب نفسه الذي ما زال “يعوّم” نماذج منافية للعقد الاجتماعي، ومع ذلك نجد أنفسنا مستحقين لمثل هذه النماذج. ألا نستحق أغنية وموهبة بمستوى “الباتنجان” نحن شعب النفايات الصامت عن أمراضٍ تجتاحه وروائح تستبيح بيوته؟ ألا نستحق “الباتنجان” نحن شعب الصمت عن الفساد والصفقات والسياسيات الالتوائيّة؟ ألا نستحق “الباتنجان” نحن شعب اللاحكومة الراضي المرتضي بما هو عليه ولا ينفك ينتخب من قتله مرةً واثنتين ومئة؟ ألا نستحقّ “الباتنجان” نحن شعب العتمة الباحث عن ساعات نور، وشعب الشح الباحث عن قطرات ماء، وشعب المولّدات الباحث عن عداد عوض الكهرباء 24/24؟ ألا نستحقّ “الباتنجان” نحن شعب التقاتل السياسي والطائفي والمناطقي؟

لا تبخيس أو إهانة للباذنجان الذي يشكّل قوتًا لنا ولسوانا، ولكنّنا نستحقه كما ورد في سياق الأغنية الرخيصة، مقليًّا كان أم مشويًّا، لا يهمّ… المهمّ أن “باتنجان” دانا يليق بنا!

رامي قطار- “الأنباء”