لا يا حضرة الزميل.. ما هكذا تُنتهك كرامة “النائبات”!

في تقرير لقناة “الجديد” بعنوان “سيارة نائب تسرق الأضواء أمام البرلمان بسبب صغرها”،  لم يفاجئنا عضو “اللقاء الديمقراطي” النائب بلال عبدالله بسيارته المتواضعة. فهو إبن مدرسة المعلم الشهيد كمال جنبلاط، رمز التواضع ونموذج التقدمية الاشتراكية الأكثر إنسانية.

لكن الزميل نعيم برجاوي فاجأنا إلى حد الاستفزاز، حيث إنه لم يرَ من النائبات على ما يبدو سوى أجسادهن، وما كساها من ثياب وحليّ، ما عكس عفن العقلية الذكورية المكبوتة في رأسه وقلمه، شأنه في ذلك شأن الأكثرية الساحقة من العاملين في حقل الإعلام!

ولعل الصاعقة الأكثر استفزازاً في تقرير الزميل برجاوي، هي “خطيئته” الجندرية الفادحة، والكامنة في اختزاله حضور النائبات بجملة جاء في حرفيّتها ما يأتي:

“أما النائبات، فتزيّنَّ لجلسة “الدّخلة” التشريعية. شقراء المجلس أمسكت بملفات قوانين الشعب بيدٍ من ألماس، فيما السمراء طوّق عنقها عقدٌ من اللؤلؤ”.

لا يا حضرة الزميل، نائباتنا انتُخبنَ لكفاءتهن، وهنّ أمام امتحان إثبات الجدارة التشريعية، لا الأنوثة المقزّمة إلى حدود الجنس، ذاك الهوس المرضي المسيطر على عقلية “فحول” مجتمعنا، وقد ظهرتَ واحداً منهم لا أكثر بكل أسف!

لا يا حضرة الزميل، نائباتنا أكثر من عارضاتِ أزياءٍ ومجوهراتٍ لا تضيف إلى ثقافتهنّ وحضورهنّ الواعد إلا بعض ما يرضي مرضى القشور من أمثالك!

لا يا حضرة الزميل.. نائباتنا لم يتزينّ لجلسة “الدخلة”.. وعيب منك هذا الكلام، والعار على مؤسسة تلفزيون “الجديد”، التي سمحت لك بتمرير هذه العبارة بالذات، من دون أن يرفَّ لكرامة النساء الإداريات فيها جفنُ كرامةٍ، أو ينتفضَ في إحداهنّ عنفوانُ امرأةٍ – إنسان!

ولا يسعنا سوى التأسّف على إعلام وشعب ما زال لا يرى في المرأة، كائناً من كانت وأياً كان موقعها، سوى عروسٍ مزيّنة، لعريسٍ أبلهَ، فارغٍ، لا يرى ولا يفكّر بأبعد من ليلة الدخلة – كما أسميتها – بشبرٍ واحد!

ولا يسعُنا ههنا، سوى التساؤل باستغراب محزنٍ حقاً: متى يعي المسؤولون عن تنظيم الإعلام في هذا البلد لضرورة إخضاع الإعلاميين، نساءً ورجالاً، إلى دوراتٍ ودوراتٍ مكثفةٍ في المساواة على أساس النوع الاجتماعي ولغتها وتعابيرها، التي يُفترض أن تصبح أساسية في قاموس كل العاملات والعاملين في حقل الإعلام، اللّهم ّإذا كان ثمة من يكترث لدور الإعلام في تشكيل الوعي لدى الرأي العام، وإذا وُجد من يسعى إلى الارتقاء بالإعلام إلى مستوى هذا الدور، بدلاً من التفاخر باللُّهاث خلف “الرايتينغ” ولا شيء سواه، وإن أتى على حساب الكرامات.. فاضحاً تخلّف العقول وسوقيّة المحطات!

غنوة غازي – “الأنباء”