الواتساب أمامها… والإسعاف خلفها!

مشهديّة مستفزة جديدة تستوطن أحد شوارع لبنان عنوانها العريض: لامسؤولية المواطن/ة. لم يعد جديدًا على اللبنانيين أن يرصدوا سيارة إسعاف تنقل أحد المرضى في شارع تخنقه زحمة السير، ولم يعد جديدًا أيضًا على اللبنانيين أن يرصدوا باشمئزاز سياراتٍ تحاول استغلال سيارات الإسعاف فتسير خلفها لتنجو من زحمة خانقة متجاوزة السيارات التي كانت تسبقها بعشرات الأمتار.

مشهديتان مألوفتان في لبنان لا بل تتكرران في كل منطقة خصوصًا أن مواقع معظم المستشفيات تفرض على سيارات الإسعاف التي تنقل المرضى، ومعظمهم في حالاتٍ حرجة، أن تمكث عالقة في الزحمات المتنقلة بين الشوارع الرئيسة كما الفرعية.

الحكاية هذه المرة ولدت في شارع “بلس” في منطقة الحمراء، حيث مستشفى الجامعة الأميركية. هنا المشهد مختلف، وما حدث أكثر إثارةً للغضب والاشمئزاز من يوميات الزحمة وصراع سائقي سيارات الإسعاف مع الطوابير. هنا الشارع يشهد زحمة في الأيام الطبيعية. زحمة ليست قاتلة ولكنها كفيلة بتأخير وصول المريض إلى مستشفى الجامعة الأميركية. هي أولى فترات بعد الظهر، الزحمة خانقة وصوت سيارة إسعاف يدوّي ويطغى على أبواق سيارات المستعجلين للوصول إلى منازلهم بعد يوم عمل مرهق. الجميع في حال استنفار ويحاول تحييد سيارته لتعبر سيارة الإسعاف وسط صخب المكان باستثناء صبية واحدة تعكس ملامحها ثلاثة عقود من عمرها. تلك الصبية التي بدت منفصلة عن العالم الخارجي رفضت أن تسرّع وتيرتها في السير، تمامًا كما رفضت أن تركن سيارتها جانبًا لتعبر سيارة الإسعاف. لم يكن في الأمر رفضٌ لاإنساني بعدما اكتشف جميع من في المحلة أنّها كانت ملهوّة على الواتساب غير آبهةٍ بمريضٍ قد يصل جثة إلى المستشفى ما لم تتزحزح هي وترمي الهاتف من يدها وتضع حدًّا لمهزلة الكتابة والمسايرة على الواتساب في خلال القيادة. وتسألون بعد عن أسباب حوادث السير في لبنان؟

رامي قطار- “الأنباء”