4 سنوات على غياب رجل الحوار… هاني فحص قوت الأيام العجاف

قيل الكثير في السيد هاني فحص، عن مسيرته وتجربته الزاخرة بالمواقف الكبيرة وعن دوره كجسر للتواصل. ومنذ غيابه في 18 ايلول 2014 كبر التحدي بأن تصمد فكرة الحوار التي كان المدافع عنها في كل محطة ومناسبة.
عاش بدايات الحرب السورية فكان نصيرا للشعب السوري ومطالبته بالحرية قبل تطييف كل التضحيات التي دفعت، لكنه آمن بأن هذا الشعب من حقه أن يعيش خارج سجن النظام السوري وخارج قضبان التطرف والعقل الداعشي.
فهاني فحص الذي حمل هموم الأمة العربية والاسلامية منذ منتصف القرن الماضي، كان حالة نادرة في زمنه، وما زال حاجة وقوتاً للأيام العجاف التي تعيشها هذه الأمة، التي ينهشها العقل المتطرف وتتناتشها المصالح الكبرى ومصالح الأمم والدول العظمى.
فماذا يقال عن السبد هاني أكثر مما قيل فيه، عن انخراطه في العمل الحزبي العلني رغم موقعه الديني، عن نشاطه في المجتمع المدني وكتاباته الغنية في هذا المجال، أو عن دعوته الدائمة للحوار بين الأديان.
ناصر القضية الفلسطينية وكان من أول المدافعين عنها، حتى إنه انتسب إلى حركة فتح أيام وجودها في لبنان، وبقي حتى آخر يوم في حياته رأس حربة في النضال السياسي والفكري دفاعاً عن هذه القضية.
كان يحلم بلبنان مختلف. وانطلاقاً من إيمانه بما كان يمثل من مشروع جديد من أجل لبنان ترشّح للانتخابات الفرعية عام 1974 متحالفاً مع الشهيد كمال جنبلاط، رغم أنه عاد وانسحب من المعركة، ليعيد التجربة لاحقاً مرشحاً إلى الانتخابات النيابية عام 1992 عن محافظة النبطية ولم يحالفه الحظ.
حمل إرثاً فكرياً ودينياً كبيراً من النجف، وحاول استثمار طاقته في لبنان، فكان إماماً لبلدة جبشيت من العام 1972 وحتى العام 1975، شارك في تأسيس وتفعيل منتدى أدباء جبل عامل مع عدد من الأدباء والشعراء الجنوبيين، شارك في قيادة انتفاضة مزارعي التبغ المطلبية عام 1972.
وعندما بدأت الثورة الإيرانية عمل عام 1978 على إنشاء التواصل بين ياسر عرفات والسيد الخميني، وقد زار السيد الخميني في منفاه الباريسي، ورافق ياسر عرفات على نفس الطائرة التي زارت إيران بعد أيام من انتصار الثورة الإيرانية ضد الشاه.
أمضى آخر سنوات حياته متفرّغاً للحوار والكتابة والعمل الفكري والثقافي، فأسس مع الراحل سمير فرنجية المؤتمر الدائم للحوار اللبناني، ويعتبر من الأعضاء المؤسسين للفريق العربي للحوار الإسلامي المسيحي، وكذلك من المؤسسين للقاء اللبناني للحوار. كما أنه عضو في الهيئة الشرعية للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى. وكان من المقربين للشيخ محمد مهدي شمس الدين.
نفتقد هالة وقامة السيد هاني، فكم هو حاضر رغم الغياب وكم هذا الزمن بحاجة لأمثاله ولكلمته المنتصرة دائما للحق والخير.
“الأنباء”