ما هو دوري كوزير جديد؟

محمود الاحمدية

منذ عدة سنوات وفي زيارة قامت بها جمعيتنا “طبيعة بلا حدود” لفخامة الرئيس السابق ميشال سليمان في القصر الجمهوري وأثناء حديثنا معه، قال حرفياً: “نحن في لبنان، مشاكلنا كثيرة والملفّات الشائكة كثيرة ولكن أحد الأسباب الرئيسية التي تواجه الحكم والناس ومنذ فجر الاستقلال هي عدم الالتزام من قِبَلِ الوزراء الجدد ولو بالحدّ الأدنى من برامج الوزراء الذين سبقوهم، بل الاستمرارية مفقودة، ومع كل وزير يبدأ تقريباً كل شيء من جديد وهكذا شهور طويلة ضائعة لتأليف الحكومات ثم البدء من جديد مع كل وزير جديد وهكذا ندور وندور وندور في حلقة مفرغة يدفع ثمنها الوطن والمواطن.
بدوري أَتوجّه من كل وزير جديد بالقول: “إعملْ لوزارتك كأنك ستبقى وزيراً إلى الأبد، واعمل لشعبك كأنك سوف تستقيل غداً!!!”.

عيب مقعد الوزير في الوطن العربي بشكل عام ولبنان بشكل خاص أنه مقعد مسحور، لا تكاد تجلس فوقه حتى تتصوّر أنك مخلّد إلى الأبد، وفي كل يوم يرتفع بك المقعد إلى الأبد وينخفض الناس من أمامك، حتى يجيء يومٌ يعلو المقعد فيه إلى علو شاهق فلا ترى الناس الذين أصبحوا تحت، ولا تسمع إلاّ صوت الذين يجلسون معك من فوق!

لو كان الأمر بيدي لجعلت مقاعد الوزراء كلها من النوع الهزاز حتى لا يشعر كل وزير فوقه بالاستقرار، فلا يتنمّر ولا يتجبّر ولو كان الأمر بيدي لعلّقت أمامه لافتة مكتوباً عليها بالخط الكبير “لو دامت لغيرنا… لما وصلت إلينا”.

لو كان الأمر بيدي لَبدأتُ عملي الجديد بزيارة الوزير السابق وجميع الوزراء الذين سبقوني في تولّي هذه الوزارة، وقلت لهم أنني جئت أتعلّم منكم، وأن المثل القائل: “الوزير الذي هو أكبر منكم بيوم يعرف أكثر منك بسنة، هو مثلٌ محترمٌ في تاريخ الوزراء! كم من وزير أضاع نفسه وأضاع مستقبله عندما بدأ عمله بهدم ما عمله سلفه الوزير، وبالبحث عن أخطاء الذين سبقوه… إن مهمة الوزير في كل بلاد العالم أن يكمل ما بدأه الوزير السابق لا أن يهدمه ويلغيه!

وبعض الوزراء يحرصون أن يكون معاونوهم من الأقزام أهل الثقة وتمسيح الجوخ على أن يكونوا من العمالقة أهل الخبرة، واحتضان أصحاب الذمم الواسعة! والأخلاق الرضيّة والانصياع بطيبة خاطر وإعلان الحرب على كل موظف تصل قامته إلى قامة الوزير! وكانت النتيجة أن الوزراء أصبحوا أصغر بكثير من وزاراتهم، مع أن المفروض أن يكون الوزير أكبر بكثير من الوزارة التي يتولاّها!

وأنصح كلّ وزير جديد أن يكون شجاعاً بالاعتراف بأخطائه، لا أن يكون جريئاً ووقحاً في الدفاع عن الأخطاء والأغلاط ويعتبرها مفاخر يستحق من أجلها الأوسمة وحفلات التكريم!

وأنصحه أخيراً أن يعرف أنه خادمٌ للشعب لا سيّده! وموظّف في عالم العمل والإبداع من أجل وطن يستحق أن يأخذه دوره الطليعي بين الدول! إن الذين حاولوا أن يدوسوا الشعب بأقدامهم… داستهم الأقدام…

*رئيس جمعية طبيعة بلا حدود

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة

السفير المطرود ظلماً وقهراً