العهد لم يفشل بل ولد فاشلا / بقلم الدكتور وائل شميط

الفشل يتحدد بنهج وخطوات ومعايير ومحطات ومعطيات اتبعها العهد ومن معه، يتحدد ذلك من خلال ملفات مختلفة نعددها: ملف الكهرباء وصفقات البواخر، ملف المياه والسدود، ملف الانتخابات والحريات الشخصية، ملف الاستراتيجية الاقتصادية والزراعية والبيئية،  وملف الجامعة اللبنانية .

لقد بدات رحلة الفشل هذه عندما فضّل العهد مبدأ القوة على الشراكة، ناسياً أن التسوية وحدها مع شراكة جميع الاطراف السياسية في لبنان هي التي سمحت وساهمت في إيجاد هذا العهد . أليس من الأجدر أن يكون العنوان الأول لهذا العهد الالتزام بتدعيم الشراكة عوضاً عن التبجح بالقوة؟!

واستُكملت مسيرة الفشل هذه عندما استثنى نفسه من مصالحة الجبل التاريخية، واعتبر أنها لم تتم وأنه غير معني بها. المصالحة التي رعاها كبار من لبنان من البطرك صفير الى الزعيم الوطني وليد جنبلاط الى البطرك الراعي والقوات اللبنانية، والتي رسخت العيش المشترك في الجبل، لم تتم؟ لِمَ هذه المحاولات لإلغاء إنجازات شركائكم في الوطن؟ أهكذا تغطون فشلكم؟

ومن ثم جاء مسخ القانون الانتخابي! هذا القانون الذي شوّه النسبية وحولها الى طائفية ومذهبية، وامتازت خطاباته بالتحريض الطائفي حيث لم يتوانَ شتاموا العهد عن إهانة اركان البلاد الوطنيين الشركاء الاساسيين. رغم كل ذلك فشل هذا القانون عندما اتت نتائج الانتخابات بغير ما كان يصبو إليه.

واتى الفشل ايضا عندما تنكر العهد للافكار والشعارات التي كان يرددها هو لكسب الشعبية تبين لاحقاً انها كانت فقط شعارات فارغة. فمن شعار محاربة الفساد والفاسدين الى التحول الى رمز للفساد من خلال وزرائه خاصة في وزارتي الطاقة والخارجية . ومن الحديث عن الصفقات المشبوهة الى تغطية صفقات البواخر رغم اعتراض غالبية اللبنانيين عليها. ومن وعود بمشاريع كبيرة وكهرباء 24/24 الى تعتيم البلاد وتقنين زاد عن 320 ساعة تقنين عن بعض مناطق الجبل غير التابعة للعهد . وعند توجه الرئيس وليد جنبلاط الى العهد ومن معه محذراً من ان عداد الدين لا يتوقف وانه يجب معالجة الفساد والهدر في وزارة الطاقة، لم يلاقِ هذا التحذير آذاناً صاغية بل على العكس شن العهد هجوماً كبيراً عبر وسائل الاعلام والسوشيال ميديا على شخص الرئيس وليد جنبلاط مستخدما النزعات الطائفية لكسب عطف جمهوره، ومحاولة منه نقل جبهة المواجهة الى مكان آخر. واذا بمؤتمر سيدريعقد ليؤكد الخبراء ان تحذير الرئيس وليد جنبلاط بمكانه وهو ما يجب على العهد فعله الا وهو وقف الفساد في وزارة الطاقة.

هنا لا بد من ان نستذكر استعراضات وزير الخارجية المتكررة حيث استغل الوزير منصبه لمصلحته الشخصية، معتبرا انها وزارته الخاصة فاستغلها لحملته الانتخابية محملا خزينة الدولة مصاريف السفروالمؤتمرات. مع العلم انه لم تعد هذه الزيارات والسفرات باي انجاز للدولة اللبنانية او المواطن اللبناني في ما عدا الشعارات الفارغة عن استرداد الحقوق والتمثيل الصحيح وكانه يصور للعالم ان اللبنانيين في الوطن هم من سلبوا المغتربين حقهم !!! كما ان وزير الخارجية عبر عن رأيه الشخصي معتبرا ان لا عداء مع اسرائيل معترفا بحقها في الدفاع عن وجودها؛ الرأي الذي ترفضه مكونات الوطن الاخرى ولكن شاء الوزير اختصار جميع الآراء برأيه الخاص.

واليوم يستمر العهد في هذه المسيرة التاريخية الفاشلة باعتقال كل من يعارضه واستجواب كل من يذكر فشله ولوحتى بهشتاغ على السوشيال ميديا. في المقابل لا يتم استجواب من يهدد السلم الاهلي والوحدة الوطنية من مسؤوليين في العهد. ولا تتم حتى مساءلة اصحاب الخطابات الطائفية والمذهبية الحاقدة الهادفة الى فتنة داخلية . لا ننسى محاولة الالتفاف على نتائج الانتخابات عبر استحداث كتل مستعارة وفشل في احترام نتائج الانتخابات .

الم يكن من الاجدى لمن رفع شعارات العفة والطهارة ان يكون صاحب استراتيجية اقتصادية ومشروع زراعي وبيئي متطور وشفاف؟ الم يكن من الاجدى لمن هاجم حيتان الاموال ان ألّا يكون هو منهم؟

الم يكن من الاجدى لمن يعتبر ان شعب لبنان عظيم ان يقدم لهذا الشعب الامل بمستقبل؟ الامل بوظيفة ومنزل؟ الامل للأم اللبنانية  لتتساوى وامهات الدول الراقية التي تمنح الجنسية لأولادها من أب غير لبناني ؟ الامل بتعليم ذات مستوى عالي وكلفة مقدور عليها؟!!!

لم نكن نتمنى ان تكون مسيرة هذا العهد هكذا، مع علمنا ان المتغطرس لا يأخذ بدروس التاريخ. الا اننا اردنا ان نعطي هذا العهد فرصة أهدرها عندما اعتبر انه اقوى وأن هناك مواطنين فئة اولى ومواطنين فئة ثانية . هذا الوطن محكوم بالتوافق وليس بالاستقواء. نفتخر بتاريخنا وانتم فاقدون للتاريخ!

وانهي بكلمات المعلم الأوحد والشهيد الاسمى المعلم كمال جنبلاط ” إن الحياة انتصار للأقوياء في نفوسهم لا للضعفاء” لقد تم تشخيصكم: انتم ضعاف النفوس والعهد .