تحية لأرواح الشهداء وللفصائل الوطنية والفلسطينية

وهبي أبو فاعور

سنعود بذاكرتنا أربعين سنة إلى الوراء إلى النصف الثاني من آذار 1978 يوم قام العدو الإسرائيلي بعملية الليطاني لإبعاد النيران عن مستوطناته وتوسيع رقعة دويلة عميله سعد حدّاد، كنّا مربكين بحجم العملية فخسرنا معظم قضاء مرجعيون وحصلت مجزرة الخيام بحق الأبرياء العاجزين لإعطائنا درساً قاسياً من النظام العنصري وزبانيته وكذلك أُخرجنا من قاعدة الشهيد صلاح في الخريبة وتلة الشعيرة ومواقعنا المشتركة المتقدمة في العرقوب وخاصرة الليطاني.

يومها كنّا في الحركة الوطنية اللبنانية مع المرحومين مجلي الشماس وحنا سعد وجميل العريان وفارس زويهد وعلي هلال حديفة والأحياء فؤاد مرداس وتوفيق مهنا وغسان حديفة وسواهم من المقاومين الشجعان نحاول أن نبتدع طريقةً للصمود ووقف الإنهيار وتقدّم العدو.

وفي ليلة معتمة وصل رفاقنا من القيادة يقودهم الرفيق رمزي أبوفرّاج وأبوعفيف رحمه الله ومعهم خبراء في الألغام، فاستدعينا الرفاق أدهم وسليم وأبوعلي وزير ومجموعة شجعان من تنظيمنا في حاصبيا وانتقلنا لتنفيذ المهمة التي كانت تقضي بزرع ألغام مضادة للآليات على طريق الحاصباني من بيت أبوعلي الحرفاوي حتى مصلحة الحُمّر.

كان التنفيذ يجري بهدوء وكان عددنا يفوق المطلوب فنحن بالعشرات والمهمة لا تتطلّب أكثر من خبيرين ومجموعة حماية.

وبينما كنّا منهمكين بالعمل والدنيا مظلمة ولا يبدو من كوكبا إلا بعض الأضواء الباهتة، شعرنا بجلبةٍ وهمسٍ من إتجاه الطريق المؤدي إلى مرجعيون، فأخذنا حذرنا ولم نعرف أصحاب الأصوات الخفيفة وخامرنا شعور إحترازي بأن القادمين هم دورية مشاة إسرائيلية أو عميلة باتجاه مثلث الحاصباني فأخذ الشباب حذرهم واحتياطهم وتقدّموا بطريقة عسكرية لمعرفة مصادر الصوت. وكانت المفاجأة أنّ أخواننا ورفاقنا من الجبهة الشعبية – القيادة العامة وصلوا قبلنا لتنفيذ نفس المهمة وكانت المفاجأة الأكبر أن نلتقي هناك بقائدٍ ميداني إسمه أحمد جبريل.

تحية لأرواح الشهداء والغائبين وألف تقدير للأحياء ممّن نفذوا هذه المهمة الجريئة من الفصائل الوطنية والفلسطينية وتحية خاصة من أبناء حاصبيا والعرقوب للقائد أحمد جبريل.

(الأنباء)