التسوية في سوريا: قراءة في العناوين وتأثيراتها!

 

رويداً رويداً، تتكشف ملامح تسوية في الملف السوري وقد فضحها أحد أزلام النظام السوري، إذ كتب مفتخراً على صفحته تفاصيل تدين النظام قبل أن تبرر صفحته (غير القابلة للتبرير أساساً بعد سقوط مئات الآلاف من القتلى وتهجير الملايين من المواطنين داخل وخارج سوريا). ملاحظات سياسية سريعة:

1. البند الأول يؤكد بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في موقعه مع حفظ حقه بالترشح مجدداً في الانتخابات الرئاسية القادمة. إذا إنتصر بالحديد والدم، بالتدمير والقصف، فهذا ليس إنتصاراً. حصل في التاريخ القديم والحديث الكثير من الحالات المشابهة وإنتهى رموز الديكتاتوريات نهايات بشعة كأساليبهم البشعة في قمع الشعوب. فمن يفاخر بهذا الأمر ويعتبره إنتصاراً هو بحاجة لإعادة النظر بالقيم الأخلاقية والانسانية.
2. البند الثاني يشير إلى أن الفوعة وكفريا خارج محافظة إدلب. وهذا البند هو إستكمال رسمي لخطوات عملية وميدانية إتخذت منذ إندلاع الثورة حيث قام النظام وأعوانه بعمليات تطهير وتبديل ديموغرافي بما يتلاءم مع المصلحة السياسية ويدمر النسيج الاجتماعي السوري القائم على التعددية والتنوع.
3. واضحٌ أن التفاهمات الكبرى تشمل فيما تشمل عقود النفط والامتيازات التي سيسفيد منها اللاعبون الدوليون حتى ولو كانت مواقفهم السياسية متناقضة حيال الميدان السوري وتطوراته العسكرية، والكلام عن الدخول المنتظر لشركات النفظ الغربية إلى المنطقة الكردية يؤكد هذا المسار.


4. يستعيد النظام السوري بهذه التسوية دوره التاريخي في حماية حدود إسرائيل، وقد قدم لها ضمانات إضافية بإبعاد الإيرانيين عن الحدود مسافة 60 كلم، وسيمنع بطبيعة الحال، كما فعل منذ عقود، أي مقاومة لتحرير الجولان السوري المحتل.
5. الاعتراف بفدرالية كردية وفق ما تنص عليه بنود التسوية هل سيكون مقدمة لفدرالية طوائف خطيرة في سوريا تؤسس لشكل جديد من أشكال التقسيم المذهبي التي تصب في نهاية المطاف في مصلحة إسرائيل؟ فإذا كان ضرورياً البحث عن صيغة مشاركة تضمن للأكراد حقوقهم المشروعة في التمثيل السياسي، إلا أن ذلك لا يعني الدخول في كانتونات طائفية ومذهبية.

6. بعد مجازر السويداء الرهيبة التي أوحت وكأنها بمثابة انتقام من صمود المنطقة وحصانتها تجاه الفتن التي حاول النظام اثارتها مع المحيط، لا بد من النظر الى هذه القضية من زاوية إرتباطها مع المعركة المرتقبة في إدلب، إذ أن النظام يريد استخدام أبناء الجبل كدروع بشرية في معركة لها طابعها الإقليمي والدولي، وتبدو معركة قاسية نسبة لموقعها الإستراتيجي وتأثيرها على طبيعة التسوية المرتقبة في البلاد.
إنها ساعة الحقيقة!

(الأنباء)