السويداء في عين العاصفة

محمود الاحمدية

في قصة تاريخية سأعيدها للمرة المائة حفاظاً على قِيَم وحقائق مجدتليد صنعته قلوب الرجال التي لا تهاب الموت وصنعه البطل الأسطوري سلطان باشا الأطرش والمقاتل فوق العادة نواف غزالة وأساطير لا تصدق أن إنساناً حققها… صفحات خالدات في تاريخ بني معروف… أما القصة التاريخية التي يجب أن تسكن خيال الأجيال الحالية والآتية فهي: عندما زار الجنرال الفرنسي شارل ديغول البرازيل في زيارة رسمية في الريو دي جينيرو عندما أصبح رئيساً لجمهورية فرنسا، سأله أحد الصحافيين في المؤتمر الصحفي الذي أقامه ديغول في اليوم الثالث من زيارته للبرازيل في مدينة ريو دي جينيرو: سأله قائلاً: ما رأيتكم فخامة الرئيس بالعشيرة المعروفية؟؟ وكان الرد المذهل: من أشرف العشائر العربية لا تعتدي ولا تسمح لأحد الاعتداء عليها، تكرم الضيف ولا تنام على ضيم، وهي الجهة الوحيدة التي استطاعت كسر جيشنا الفرنسي الذي كان في تلك الأيام يحتل ثلث الكرة الأرضية وهي الوحيدة التي أذلته ولو كان حجم تحدينا لبني معروف أكبر لكان حجم الإذلال أكبر!!!

إنها ثورة لسلطان الثورة السورية عام 1925 حيث قدمت للوطن قرابة الثلثين من الشهداء وبالذات وبالأرقام شهيداً بينما اقتصر عدد الشهداء الباقين على: شهيداً…

نظرة بسيطة إلى ما يجري في هذه الأيام العصيبة ومن خلال متابعتي عبر الميديا وعلى مواقع متعددة المشارب والأهواء والسياسة وهذا شيء طبيعي، لفت نظري قاسم مشترك بين المشاركين في التعليقات التي تتوجه إلى حضرات المشايخ الكبار والدولة السورية جملة واحدة تردّدت آلاف المرات نستطيع تمزيق داعش إرباً إرباً ولكن نريد سلاحاً… نريد رصاصاً… لا نستطيع بالأيادي وباللحم الحي القضاء على مدفع مع غزاة برابرة مدججين بالأسلحة الثقيلة ومن كل الأنواع… أعطونا سلاحاً وستروا أحفاد سلطان كالأساطير…

وهذا يكشف حجم المؤامرة بكل تفاصيلها واللقاءات التي سبقت تلك الليلة التي أغار فيها وبطريقة لا علاقة لها بالحضارة أشباه بشر يغيرون على القرى المسالمة التي تحيط بالسويداء ويرتدون على أعقابهم، بعد تسجلت بطولات أسطورية سيذكرها التاريخ وستذكرها الأجيال القادمة… قمة المؤامرة أن يسقط حوالي 250 شهيداً في خلال يوم واحد، وبالرغم من هذا العدد الكبير نرى ولداً ابن 14 عاماً يسقط ثلاثة مهاجمين صرعى أمام مدخل منزله بعد أن ينقذ عائلته ويستشهد…

نرى شابين ينقذان مستشفى السويداء عندما لاحظا وجود داعشي يحمل حزاماً ناسفاً مدعياً أنه بين الجرحى ويهاجمانه بطريقة حرفية عالمية إبداعية عندما هجما عليه من الخلف ممسكان بكلتا يديه قبل أن يصرخا حزام ناسف… حزام ناسف… وتصبح المستشفى أطباء وممرضات وناس وأهالي ومرضى خارج المستشفى ويبقيان ممسكان بيديه حتى أتى الخبراء لتفكيك الحزام الناسف: إنقاذ بطولي وواعٍ…

عشرات قصص البطولة تسجّلت ولكن السؤال الذي يطرح نفسه وفي عصر التكنولوجيا لا بد وباختصار شديد ومن أجل إنقاذ السويداء، لا بد من المرور في قلب البنود التالية:

1- الشعب شبه أعزل وبكل بساطة تسلّحوا وآلاف الأصوات تزغرد ببطولة: عطونا سلاح ورصاص.

2- روسيا بالذات الصديق التاريخي للعرب بشكل عام وللمختارة بشكل خاص عليها أن تحافظ على شعرة معاوية كما قال الأستاذ وليد جنبلاط وذلك بالتعهد بحماية بني معروف في جبل العرب وهي القادرة.

3- توحيد الصفوف في كل بقاع الأرض حيث وُجِدَ معروفيٌّ واحدٌ أو عشرات الآلوف، والعمل بقلب واحد على كل الأصعدة: القيادات السياسية والناس وكل ذلك يؤمن قاعدة صلبة لإنقاذ السويداء من مؤامرة تاريخية دنيئة تحاول تدفيعها الثمن من

خلال عدم التجنيد في جيش النظام والحرب طاحنة لا ترحم والدول كثيرة لا قلب لها بل المصلحة أولاً وأميركا بدورها المتراجع مع ترامب حيث المصلحة أولاً وعلى طريقة تجار السلاح وأقولها بكل راحة ضمير إنه يتصرف كرئيس عصابة تفتش عن المال أينما وجد.

*رئيس جمعية طبيعة بلا حدود

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة

السفير المطرود ظلماً وقهراً