المطبات بين المصنع وراشيا.. نعمة أم نقمة!

بين مطرقة الموت المجاني وسندان معاناة سائقي السيارات على طريق المصنع راشيا حيث تتموضع عشرات المطبات المختلفة الأشكال والأحجام، يرزح الأهالي تحت وطأة غياب الحلول التي يجب ان تنزع فتيل الأزمة المتفاقمة، نتيجة مجانية الموت لشباب قضوا في حوادث سير مختلفة الأشكال، متعددة الأسباب، متنوعة الأماكن، لكن الموت واحد، والفجيعة مشهد يتكرر، ولا خلاص من عشرات الحوادث يوميا وان اختلفت حدتها بين حادث وآخر.

أسهل المهدآت وأعقدها انتشار عشرات المطبات التي دأبت الإتحادات البلدية والبلديات على اعتمادها مؤقتا، ريثما تبتكر الدولة بوزاراتها ومؤسساتها المعنية معجزة تفرمل من خلالها سرعة السائقين وتزيل فكرة انشاء المطبات وبالتالي تخفف من حدة الموت المجاني، وتريح العابرين على ما يسمى طريق الموت بين المصنع وراشيا وصولا الى مدخل الجنوب.

منذ خمس سنوات نفذت أحدى الشركات المتعهدة تعبيد طريق المصنع راشيا، بمواصفات الحد الأدنى دون الأخذ بعين الإعتبار معالجة ابرز مشاكله التي لطالما عانى منها الأهالي، فكثرت المطبات العشوائية غير المدروسة والتي تحولت في بعض الأماكن الى تلال يصعب على السيارات الصغيرة تجاوزها بسهولة، فازيلت دون ان تقدم الحلول، في وقت انخسفت بعض جوانب الطريق في مواقع متعددة، دون ان يرف لمتعهد جفن قبل أن يعلو الصوت، فتم اصلاح بعض الانخسافات وقسم منها على حساب الاتحادات البلدية.


شكاوى المواطنين العابرين ارتفعت في الاونة الأخيرة بسبب انشاء بعض المطبات الكبيرة بين المنارة والصويرة وصولا الى المصنع، فيما اعتبر آخرون لا سيما اصحاب المحلات والمنازل المجاورة للطريق انها ضرورية واساسية للحد من مخاطر السرعة وحوادث السير، فيما اقتحمت بعض السيارات المنازل والمحلات التجارية دون اي اعتبار او حساب.

قبل أيام قليلة، وانفاذا لقرار محافظ البقاع وبمتابعة من قائمقام راشيا نبيل المصري بدأت بعض البلديات والاتحادات البلدية بازالة بعض المطبات باشراف دوريات لقوى الأمن الداخلي ومخابرات الجيش اللبناني وشرطة الاتحادات البلدية والبلديات وسط استياء ورفض وتململ من بعض الأهالي لا سيما أولئك الذين فقدوا اعزاء وأهل جراء حوادث السير المريبة.

سالم
رئيس اتحاد بلديات قلعة الإستقلال فوزي سالم اعتبر أن وجود المطبات ضمن نطاق اتحاد البلديات، اي من مفرق المحيدثة حتى حاجز بيادر العدس جاء مطابقا للمواصفات المعتمدة في بعض الدول والمدن بشكل عام وهي مطبات تخفف سرعة السائقين ولا تعرقل سير السيارات وهي مطبات انسيابية ومدروسة بشكل فني لا تؤذي السيارات وقد اعطت نتيجة مهمة وخففت كثيرا من حوادث السير ومن مسلسل الموت المجاني وكان آخرها الفاجعة التي حصلت عند ما يسمى كوع الجناني بين الرفيد والمحيدثة.

واعتبر سالم أن قرار ازالة المطبات دون تقديم اي حلول يزيد الأمور تعقيدا، وقد يعيدنا الى كوابيس الموت والحوادث الكبيرة والتي قد تفاقم الأزمة ولا تحلها، وتابع سالم” نحن مع مصلحة المواطن ومع التخفيف من المطبات، ومع إبقائها مؤقتا بطريقة فنية لا تؤذي، ولكن لن نعود الى حالة الجنون التي تحصل يوميا على الطرقات، خصوصا ان طريق المصنع – راشيا يربط بين مناطق عدة وبين محافظتي البقاع والجنوب، اضافة الى ان ارتفاعا كبيرا في عدد السيارات العابرة فاقم الأزمة، فضلا عن دخول عامل النازحين السورييين منذ بضع سنوات وازدياد اعداد السكان يضاف الى ذلك عمالة الأطفال المنتشرين على جوانب الطرق، ناهيك عن مئات المصالح واضطرار الأهالي والتجار والبائعين الى التوقف المتكرر في منطقة تعد تجارية وصناعية بامتياز.

وإذ نقل استياء الأهالي من الخطوات التي اتخذت دون تقديم حلول بديلة، اكد سالم أن الإتحاد قدم افضل الحلول المتوفرة عبر انشاء مطبات مدروسة لا تؤذي السيارات العابرة وتراعي شروط السلامة العامة وهي ملونة بالأصفر وليست مرتفعة.

وأشار سالم إلى أننا “قمنا بوضع قواطع من الباطون واشارات سير عند مفارق القرى وتقاطعاتها في المحيدثة والرفيد وخربة روحا ومدوخا والبيرة، كما زودت بمطبات خفيفة وهي خطوة عملية وعلمية باشراف مهندسين متخصصين، ولاقت ارتياحا عارما عند معظم الأهالي والعابرين على حد سواء، لأنها خففت كثيرا من الحوادث وشكلت شبكة أمان عند مفارق القرى، داعيا الى تغليب مصلحة المواطن ووضع ردارات سرعة وانشاء طرقات تتلاءم مع شروط السلامة العامة اضافة الى مراقبة الطرق للحد من سرعة بعض هواة القيادة العشوائية.

ابو منصور

رئيس اتحاد بلديات جبل الشيخ صالح أبو منصور أوضح أن الاتحاد أول من بادر الى إزالة المطبات لجعل قضاء راشيا خاليا من المطبات منذ بدء ولايته، انفاذا لتعميم وزارة الداخلية والبلديات آنذاك، وانسجاما مع قانون السلامة المرورية، مستندين الى جهود الاتحاد وفريق من المتطوعين ومن ذوي الخبرة في هذا المجال، فطورنا جهاز لقياس السرعة شبيه بالرادار يعمل على نظام smart application موصول بجهاز وبكاميرا للمراقبة ، مسلطة على الطريق، لكننا اصطدمنا بقانونية هذا الجهاز بعد ان كنا اجرينا تجارب ناجحة عليه وصلت الى 95%.

كما وتقوم شرطة الاتحاد بمراقبة الطرق في اوقات محددة، وتم تحرير ما يقارب مئة ضبط، دفعت دون اي تدخل، واستعنا بالقوى العسكرية والامنية احيانا، وبدعم من النائب وائل ابو فاعور الذي رحب بالفكرة، ودعم خطة الاتحاد لجهة تحصين السلامة المرورية وتحسين السير على الطرق.

ولفت أبو منصور إلى أننا قمنا مؤخرا بوضع بعض المطبات بشروط مطابقة ولا تؤذي السيارات العابرة بناء لطلب من الاهالي واصحاب المحلات وحيث اقتضى الامر وضعها، مشيرا الى صدور قرار جديد من محافظ البقاع يشرف على تنفيذه قائمقام راشيا فازلنا بعض المطبات، ريثما نلتقي مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء عثمان عثمان لوضعه باجواء الجهاز الذي طورناه بوصفه جهازا يفي بالغرض وبكلفة مقبولة لان من شأن ذلك الحد من السرعة الزائدة ومن الرعونة على الطرق من بعض السائقين غير المعنيين بسلامة الناس.
وأكد أبو منصور بذل أقصى الجهود في القادم من اليام لمعالجة وضع الطرقات بما يحفظ سلامة الناس خاصة على الطريق الرئيسة التي تكثر على جوانبها المحلات التجارية والاسواق.

المجذوب

أما رئيس اتحاد بلديات السهل الحاج محمد المجذوب فأكد أن واقع طرقنا لا يتلاءم مع السلامة العامة كون معظم قرانا تنتشر على جانبي الطريق الرئيسة والمنازل لا تبعد سوى امتار قليلة جدا، وهناك من لا يراعي هذا الأمر ويسير بسرعة جنونية غير آبه بأرواح الناس، وقيام مطبات بشروط معينة يخفف من القتل المجاني الذي طالما استهدف عشرات المواطنين في نطاق اتحادنا لا سيما في الصويرة والمنارة وغزة وحوش الحريمة والمرج، داعيا اجهزة الرقابة الى معالجة علمية لهذا المأزق والى ضرورة تركيب ردارات وتحسين وضع الطرق عبر فواصل على خطين غضافة الى انارة الطرق ووضع اشارات مرور وتلوينها وتحديدها.

واعتبر المجذوب أن الاتحاد بذل جهودا مضنية للحد من مخاطر السرعة، وفكرة المطبات هي بنت الحاجة الملحة، وعلى الدولة تقديم الافكار والخطوات العملية البديلة، كونها تريد ازالة هذه المطبات، وعمليا قمنا بازالة بعض المطبات الكبيرة والمؤذية لان للمواطنين الحق في ان ينعم بقيادة مريحة وآمنة وللمارة الحق بان يشعروا بالأمان والإطمئنان.

وعلى مواقع التواصل الإجتماعي تفاعلت قضية إزالة المطبات بين مؤيد ورافض لإزالتها ، لكن معظم المواقف حملت الدولة مسؤولية ما يجري لجهة انخفاض منسوب الحرص على السلامة المرورية وعدم مراقبة الطرقات بالردارات او تنظيم محاضر ضبط بحق المخالفين الذين حولوا الطرقات الى حلبات سباق او رالي بحسب بعض التغريدات، ولفتت بعض التغريدات الى ضرورة قيام الدولة بواجبها وتأمين السلامة المرورية للحد من الحوادث وتسهيل سير السيارات.

(*) عارف مغامس -“الأنباء”