لهذه الاسباب حزب الله متمسك بالحريري

يبدو حزب الله وكأنه يأخذ موقف النأي بالنفس من كل السجالات والخلافات بين مختلف الأفرقاء السياسيين. في عملية تشكيل الحكومة والخلافات حولها، بقي حزب الله على الحياد في الصراع المسيحي المسيحي، والذي تجلى في الإشتباك السياسي والإعلامي بين التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية. وكذلك بقي حزب الله على الحياد في مسألة إصرار رئيس الجمهورية ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل على توزير النائب طلال ارسلان، فيما تعمّدت مصادر الحزب أكثر من مرّة بأن الحزب لا يريد الدخول في معركة لأجل توزير ارسلان. وعلى الرغم من مطالبة الحزب بتوزير سنة من خارج تيار المستقبل، إلا أنه لم يتخذ مواقف حادّة تجاه ذلك. هذا الحياد انسحب أيضاً على السجال الذي فتح بين النائب جميل السيد وحركة أمل.

جلّ ما قام به الحزب هو دخوله على خطّ التهدئة والطلب من جيشه الإلكتروني الإنسحاب من أي سجال على وسائل التواصل الإجتماعي الذي انقسم بين شيعة الدولة وشيعة المقاومة، والذي اتخذ أيضاً طابع الإنقسام المناطقي بين البقاع والجنوب. يعرف حزب الله أن كل هذه المعارك الهامشية ليست أساسية ولا تغير في المعادلات، ولذلك يفضّل الصمت في هذه المرحلة، لأن جل المواقف لا تعدو كونها استثمار في الوقت الضائع، ويعتبر أنه حين يأتي وقت الكلام الجدي، يطرح الحزب موقفه.

صحيح أن حزب الله قد يستفيد من الوقوف بموقف المتفرج، وفي موقع خلفي لمشاهدة حلفائه في التصدي لخصومه، أو في مواجهة سياسية معهم، تشغلهم عنه وعن توجيه معارضتهم السياسة له ولنشاطاته. لكنه أيضاً يبقى حريصاً على الإسراع في تشكيل الحكومة، وهو يصر على تسهيل مهمة رئيس الحكومة المكلف، لأن وضع البلد دقيق ولا يحتمل، أي نوع من أنواع الترف والفراغ في السلطة التنفيذية، كما ان الجميع بحاجة إلى غطاء رسمي وأصيل في ظل التحولات التي تشهدها المنطقة.

لا يوافق حزب الله على كل الكلام الذي طرح في الآونة الأخيرة حول إسقاط تكليف الرئيس سعد الحريري، وهو بطبيعة الحال لا يريد أن يذهب النقاش إلى هذا المكان، وكأن هناك من يريد الإيحاء بوجود نية للإنقلاب على التسوية والدستور، وهذا ما عبّر عنه بشكل صريح الرئيس نبيه بري أمام زواره إذ عبّر عن اعتراضه على مضمون ما قاله نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، لجهة إسقاط النواب لتكليف الحريري، معتبراً أن ليت الفرزلي لم يتكلّم بهذا الأمر.

أكثر ما يريده الحزب في هذه المرحلة، هو الهدوء، ووقف الإشتباكات السياسية للذهاب إلى إنجاز تشكيل الحكومة، لأن ما ينتظر لبنان جملة ملفات أساسية وحساسة، خاصة الوضع الحدودي، الذي لا بد من وضع رؤية حكومية شاملة وموحدة لمتابعة تفاصيله كافة، ولذلك يبدو الحزب متمسكاً بالحريري كرئيس للحكومة لما يمتلكه من علاقات دولية وقدرة تأثيرية في المحافل الخارجية، وللسبب نفسه، هو حريص على عدم تناول الرئيس برّي بأي سوء، طالما هو حامي المؤسسات، والتصويب عليه قد يؤدي إلى عرقلة التسوية، وسحب الغطاء الشرعي من أمام مختلف الأفرقاء، وكأن هناك من يريد تشريع أبواب البيت لتعصف به الرياح الداخلية والخارجية.

ربيع سرجون – الانباء