حذار من تداعيات إزدواجية المعايير!

وهيب فياض

يقول وليد جنبلاط لمن يريد ان يسمع ويعي انه ومعه نواب حزبه وطائفته وأعضاء اللقاء الديمقراطي، صاحب الحق الحصري والوحيد في تسمية الوزراء الدروز الثلاثة، بحسب المعايير التي اعلنها التيار الوطني الحر، للإستئثار بأكبر حصة مسيحية، بوجه القوات خصوصا وبقية القوى المسيحية عموماً.

وغاب عن بال التيار ان هذا المعيار، ينسحب على الطوائف الاخرى، وانه ليس معياراً يمكن استعماله عندما يكون مربحا، وتركه عندما يقود الى الخسارة.

 

ليس اللقاء الديمقراطي، من المعجبين بهذا المعيار، ولا ممن يروّجون له، والا لما ترك المقعد الفارغ، صيداً سهلاً لمن لا زال يتعلم الرماية، ولم يفلح في إجتياز امتحانها رغم طول برنامج التعليم.

ولكن ماذا لو أصرّ واضع المعيار على إزدواجية المعايير، بصيف وشتاء على سقف واحد على قاعدة “علي يرث وعلي لا يرث”؟.

هل ستقع السماء على الأرض؟ طبعا لا.

هل سيكون لبنان في مهب ريح عاتية؟ طبعا لا.

هل ستزلزل الأرض تحت اقدام العهد؟ طبعا لا .

 

فوليد جنبلاط تجاوز منذ زمن بعيد اسلوب التهديد والوعيد، بالويل والثبور وعظائم الأمور، وخلع درعه بعد الحرب واصبحت قيمته في حكمته وعقله واقرار اهل السياسة، كما أهل وليد جنبلاط وحزبه، برسوخ زعامته.

 

عندما يكون الزمن زمن دروع، فليس اجمل من ارتدائها، اما بعد تثبيت دعائم استقرار لبنان بالمصالحة، ففعل العقل والحكمة اصدق إنباء من الدروع، وفعل اهل المصالحة اقوى  وأشد على من يرتدي درع المبارزة في غير زمانه، فيصبح أسير حديد درعه، الذي يثقل خطاه، ويرهق انفاسه، ويحدّ من حركة يده المثقلة بسيف ولىّ عصره وزمانه.

درع زمن المصالحة، ليّن كالحرير، ولكنه اقسى على التمزيق من الحديد المصقول. مضاد للطعنات مهما كانت قوية ومهما كان نصل سلاحها مسموما، فخيوطه توليفة من شرعية الوجود، وميثاقية الحكومات، وأصوات الناس في اقلام الاقتراع.

 

ورفض المشاركة في حكومة مزدوجة المعايير ليس نهاية العالم ، بل هو اولاً حق طبيعي لكتلة اللقاء الديمقراطي، وهو ثانياً استعادة للتموضع في ضفة المعارضة، التي يشتاق اليها كل سياسي عريق، في الأنظمة الديمقراطية البرلمانية، ليمارس منها حقه في تصويب مسار السلطة التنفيذية، والنأي بنفسه عن عثراتها وأخطائها، وإعادة الاعتبار الى الجناح الثاني للحياة السياسية التي لا تحلق بدونه، وتاريخ المختارة حافل بأفضاله على جناح المعارضة، وافضال المعارضة على إعادة التوازن للسلطة.

 

ليست المرة الاولى، التي يحاولون فيها بعد الطائف خرق شرعية وميثاقية وجود من يمثل الدروز وغير الدروز. فاللبنانيون لا زالوا يتذكرون حكومة السندويشات في عهد الرئيس لحود، التي لم يبق من ذكرها إلا بقع الزيت والصلصة على قمصان وزرائها، رغم كل محاولات تنظيفها على الناشف، وكويها على بخار المصابغ الداخلية والإقليمية.

 

أعضاء اللقاء الديمقراطي لن يقبلوا بوزراء يكونون وديعة فلان في حساب علان، ولا بمقايضات حديد بقضامي،  فحقوق من انتخبوهم أمانة في اعناقهم. وتيمور جنبلاط ، لن يبدأ مسيرة ارتدائه الكوفية، الا على ارض صلبة وطريق واضح.

 

نواب الحزب الاشتراكي الجدد، ليسوا اقل تمسكاً بالثوابت من جيل المخضرمين الذين أذاقوا العهود طعم التصدي للإقصاء والتهميش، وهم وإن كانوا مترجلين عن خيول ساحة النجمة، فساحاتهم على اتساع ارض الوطن.

وجيل شباب الحزب الاشتراكي، استمرار لمن سبقوهم، وارهاصات من سيأتي بعدهم، ويخطيء من يبني حساباته على غير ذلك.

 

فحذار من تداعيات ازدواجية المعايير على مفهوم الدولة. فشرعية الحكم لوح من زجاج شفاف لدرجة انك لا تراه الا اذا اصطدمت به عن غير قصد اذا لم تحسب خطواتك، او عن قصد اذا بالغت في تقدير قوتك، وفي الحالتين، إما ان يفيق الغافل من هول الإصطدام على ألم يعيد الرشد، او على تشقق في الزجاج يستحيل اصلاحه الا بتغييره، فيسقط خيار جمع الإصلاح والتغيير في جملة واحدة مفيدة. فإذا انفصل المعنيان، اتسع ملعب المعارض، وأمسك بمعارضته ناصية جوادين يركضان في اتجاهين مختلفين، والمعارض حرّ في خيار المطالبة بالإصلاح، او المطالبة بالتغيير.

اقرأ أيضاً بقلم وهيب فياض

جنبلاط يهادن مجدداً وينعي اتفاق الطائف

أيها المعلم المشرق علينا من عليائك

نزار هاني: أرزتك أطول من رقابهم!

ما وراء خطاب العرفان!

عن الفتح المبكر للسباق الرئاسي: قتال بالسلاح الأبيض والأظافر والأسنان!

عهد القوة ام العهد القوي؟

من موسكو: تيمور جنبلاط يجدل حبلاً جديداً من “شعرة معاوية”!

لجيل ما بعد الحرب: هذه حقيقة وزارة المهجرين

عن دستور ظاهره مواطنة وباطنه عفن سياسي!

لا تحطموا برعونتكم أعظم إختراع في تاريخ الديمقراطية!

رسالة من العالم الآخر: من أبو عمار إلى أبو تيمور!

لتذكير من لا يذكرون: تجارب وزراء “التقدمي” مضيئة وهكذا ستبقى!

يحق لوليد جنبلاط أن يفاخر!

تبيعون ونشتري

إنه جبل كمال جنبلاط!

إلا أنت يا مير!

ادفنوا حقدكم لتنهضوا!

الإصلاحيون الحقيقيون: إعادة تعريف!

مطابق للمواصفات!

خيارات المختارة وتحالفاتها: قراءة هادئة!