عن “الطائف” والاخلال بالتوازنات السياسية

سامر أبو المنى

أتى اتفاق الطائف بعد مخاض طويل وحروب دامية ليرسي توازنات جديدة ويكرس المناصفة القائمة على احترام المكونات اللبنانية، ويضع أطراً لحكم مبنيّ على المشاركة والتوافق.

منذ اتفاق الطائف مرّ لبنان بمطبات سياسية عديدة، وحاول كثيرون تحسين شروطهم، وتقوية مواقعهم في الدولة، لكن تحت سقف الطائف. وفي عزّ الازمات واختلال التوازنات بفعل الاحداث التي تلت الاغتيالات السياسية، بقيت هذه التوازنات القائمة على احترام الطائف واحترام قواعد التركيبة اللبنانية.

في الفترة السابقة كان ثمة فريق سياسي في لبنان يعمل على تقوية حضوره وتوسيع انتشاره ضمن طائفته تحت شعارات، منها ما هو طائفي ومنها ما هو كياني ومنها ما هو سياسي. وفي ظل ترّسخ العقلية الطائفية والمذهبية استطاع هذا الفريق – بإستخدام الخطاب المذهبي – الصعود حتى بات من القوى الاكثر حضورا في طائفته.

وإذا كان هذا الصعود حق من حقوقه، ولو اختلفنا معه على الطريقة وعلى السلوك السياسي المذهبي، الا ان ما نختلف عليه معه بقوة هو محاولة العودة بلبنان الى ما قبل الطائف، اي الى مرحلة الامتيازات السياسية، او الاستئثار بالحكم.

ما نراه اليوم من محاولات فرض معادلات جديدة، برزت خلال الانتخابات النيابية وبعدها، ومن خلال طريقة التعاطي مع تأليف الحكومة، ينذر بعواقب خطيرة، لن تكون في مصلحة البلد.

قد تكون احلام الماضي تدغدغ رؤوس البعض، وقد يكون هذا البعض معتقدا ان بإمكانه الاستفادة من الخلل الحاصل في التوازنات الاقليمية لمصلحة تعزيز حضوره وموقعه في التركيبة اللبنانية على غرار ما كان قائما قبل الطائف، وهذا بحد ذاته لعب بالنار ورقص على حافة الهاوية.

كل ما هو مطلوب من هذا البعض، الاتعاظ من التجارب السابقة، والاستفادة من الازمات التي مرّ بها البلد في السنوات الماضية، وتبريد الرؤوس الحامية والعمل على صيغة تجعل فعلا من العهد قوياً بإلتفاف كل اللبنانيين من حوله، وإلا فلن يجني سوى المزيد من الفشل، وسيجرّ بفشله البلاد الى ازمات لا أحد يعرف كيف تنتهي.

(الأنباء)