معراب تتموضعُ حكوميًا… لا إحراج ولا إخراج!

تحرص معراب شديدَ الحرص على إنصاف نفسها حكوميًا من بوابة التقدّم الملحوظ الذي حقّقته برلمانيًا والذي يتجسّد اليوم في كتلة وازنة تضم 15 نائبًا. أيّ مقاربة رقمية تجعل كتلة “الجمهورية القوية” الثانية مسيحيًا مباشرة بعد كتلة التيار الوطني الحرّ، والرابعة في إجمالي الكتل. واقعان يتسلح بهما القواتيون ليطالبوا بقلبٍ قويٍّ بـ “صحّة تمثيل” حكومي يتجاوز السياق العددي إلى المفاوضات “النوعيّة” التي من شأنها أن تمنح هؤلاء لا حصّة وازنة فحسب، بل أيضًا حقائب وازنة.

في القراءة العامّة لمسار التأليف الذي يسير سُلحفاتيًا بسبب طفرة الإشكالات والملفات التي تسرق الأضواء، كما وبسبب دخول البلاد مرحلة أعياد ومونديال، تشير المعطيات إلى أنّ التمثيل القواتي هو عقدة العقدات إضافة إلى ثلاثٍ أخرى تتمثل في حصّة الرئيس والتمثيل الدرزي والتمثيل السني. وفيما يبدو أن العقد الثلاث الأخيرة محسومة لصالح الإبقاء على حصة رئيس الجمهورية وقطع الطريق على أي توزير درزي أو سني من خارجي منظومتي تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، يبقى الهمُّ المسيحي ماثلًا أمام الرئيس المكلف سعد الحريري. فمن جهةٍ، يأبى التيار الوطني الحرّ أن يُؤخذ منه ليُمنَح للقوات، ومن جهةٍ أخرى تصرّ معراب محقّةً على تكريس تمثيلها في الحكومة ورفع عدد وزرائها عن الحكومة السابقة ومنحها حقيبة سياديّة أسوةً بسواها من الكتل الوازنة، ناهيك عن عدم حرمانها من منصب نائب رئيس الحكومة الذي يشغله حاليًا في حكومة تصريف الأعمال وزيرٌ قواتي (وزير الصحة غسان حاصباني).

وفي هذا المجال، علمت “الأنباء” من مصادر مواكبة لمسار التأليف أنّ “التصوّر الذي قدّمه الرئيس الحريري للرئيس عون يتضمّن فعلًا رفعًا للحصّة القواتية ولكنه لا يمنحها ما تصبو إليه من جودة الحقائب. ويبدو أنّ التفاوض سيتعثّر لا سيما متى طُرح أمام معراب خيار من اثنين: إما الارتضاء بنيابة الرئيس مع ثلاث حقائب باهتة، وإما الحصول على حقيبة خدماتية وازنة مقابل عدم المساومة على منصب نيابة الرئيس”. علمًا أن القواتيين يتمسكون بكلتيهما لا سيما عندما يعون أن التيار الوطني الحرّ يتمسك بحصّة خياليّة وبحقيبة سيادية وأخرى خدماتية هذا عدا عن حصة الرئيس الثلاثية. وإذا كان تنازل عون عن جانب من حصته في الحكومة الماضية (تصريف الأعمال حاليًا) أثمر لصالح القواتيين، لا يبدو هذه المرة في صدد استعادة السيناريو نفسه، خصوصًا في ظلّ التصعيد غير المنضبط بين التيار الوطني والقوات، وتسلل الحديث عن انتهاء أسابيع العسل والعودة إلى خيار الطلاق. وفي معلومات لـ”الأنباء” يتحرّك أكثر من طرفٍ من الفريقين على جبهتي معراب والقصر الرئاسي لإعادة إحياء ورقة التفاهم وتكريس أهميتها، بما ينعكس في أقرب فرصةٍ هدنةً تقود إلى تأليف سلس.

وفيما تبدو الأمور معقّدة على الجبهة المسيحية، يصرّ القواتيون على عدم وضعهم في خانة “عرقلة التشكيل”. وتشير مصادرهم عبر “الأنباء” إلى أنهم “يسهّلون تأليف الحكومة ويريدون تسريع وتيرة تشكيلها لكن ليس على حسابهم واحترامًا للقواعد الشعبية التي اختارتهم في الانتخابات الأخيرة ومنحتهم خمسة عشر وزيرًا”.

(*) رامي قطار- “الأنباء”