النزوح السوري وقانون التجنيس..

فيصل مرعي

يبدو ان مسألة النزوح السوري الى لبنان، مسألة مُعقدة ومتشابكة، لا سيّما في ظل اوضاع تتفاقم يوماً بعد يوم، محلياً، وإقليمياً، ودولياً. فالناظر الى الازمة السورية منذ ما يزيد على سبع سنوات ونيّف، يرى ان لا حلّ سياسياً في المدى المنظور، وان لا ملامح حل في الأفق حتى اللحظة. والجميع يعلم ان قدوم السوريين الى لبنان، كان مرحباً بهم بادئ ذي بدء باعتبار ان أهل الدار اولى بالجار. لكن ان يأتوا بداية دون حسيب او رقيب، فهذا خطأ لا يغتفر. خطأ يتحمل مسؤوليته أهل السياسة، والذين يمسكون بالقرار السياسي. أما ان يترك الحبل على غاربه، دون قيد او شرط، فهذا تيهٌ وضلال.
في كل الاحوال، ما حصل من أخطاء يمكن تفاديها في هذه المرحلة، اي مرحلة ما بعد تأليف الحكومة الجديدة، وذلك من خلال وضع خطة طريق واضحة، لا لبْس فيها، ولا غموض، تكون في أولى اولويات الحكومة القادمة، حماية للبنان من انعكاسات وتداعيات شرارات حرب محاذية، قد تطال نيرانها تراب لبنان، في حال عدم معالجة ملف اللاجئين بكل تؤده وروية.

وعلى هذا، من المأمول وضع هذا الملف الساخن على طاولة مجلس الوزراء الجديد، والخروج منه بأقل الخسائر، وبالاسلوب الذي يراه مناسباً، علماً ان هنالك كثراً يعملون ليل نهار على تمييع هذا الملف لغرض في نفس يعقوب، والتغنّي به، تارة من خلال العودة الطوعية، واخرى بالمؤقتة. من هنا، ثقل النزوح السوري وتبعاته باتا على قاب قوسين او ادنى من استنزاف لبنان، اقتصادياً، واجتماعياً، بالذي يؤكد ان خطراً داهماً على ابواب مرحلة تحمل في طياتها من القلق الوجودي ما يفوق طاقة لبنان.

لذا، لا مجال بعد اليوم تمييع هذا الملف، خاصة لجهة غياب الآلية الواضحة لترتيب العودة اللائقة، وما يستتبعها من استقلالية كل من البلدين في شؤونه الخاصة. هذا في وقت بدا للعيان، ولكل الذين يرغبون العودة، ان المحافل الدولية، وفي مقدمها المفوضية العليا للاجئين تعمل على هواها وباسلوبها، دون مراعاة الحالات الانسانية، التي تتطلب العودة سريعاً، فضلاً عن استمزاج آرائهم بطريقة التوتير النفسي، ما يحول دون عودتهم، ما يعني ان لهؤلاء ابعاداً ودلالات لا تطمئِن، فكان ان سُدَّت منافذ العودة أمامهم. والعجيب ان عدم تسهيل العودة، كان ولا يزال من قبل ممثلي المفوضية الموكلة اليهم هذه المهمة، بعد ان بثّت اليأس في نفوسهم، لا سيما لجهة القول: ان لا بُنى تحتية، ولا رعاية اجتماعية، ولا مسكن مؤهلاً، فضلاً عن انكم ستعودون الى القتال في صفوف الجيش، ناهيكم عن خنق الحرية التي انتفضتم من اجلها، ما اربك النازحين، وجعلهم في حيرة من امرهم. فكان ان تبيّن ان هذه المفوضية تريد العودة وعدم العودة في الوقت نفسه، من خلال الاسلوب الذي اتبعته تجاه النازحين، تارة بالترهيب، واخرى بالترغيب بطريقة خجولة ومشبوهة..

نهاية، كثر يقولون: ان عودة النازحين مرتبطة تمام الارتباط بحل سياسي نهائي. هذا صحيح، ولكن الى حين ايجاد حل سياسي، لا ضير من عودة البعض الى اماكن خفض التصعيد، والى مناطق اصبحت آمنة، ريثما تصل الحرب الى خواتيمها، فلا يبدو لبنان، وكأنه يريد عودة قسرية، علماً ان من عاد منهم لم يكن بحاجة الى ضمانات باعتبار ..

حسناً فعلت القوى السياسية بمطالبتها بالغاء قانون التجنيس، واستبداله بقانون يكون اكثر منطقاً وعدالة، كما حسناً فعلت الحكومة باستجابتها لتجميد هذا القانون، بانتظار الوصول الى قانون يراعي مصلحة اللبنانيين أولاً، ومن ثم مصلحة النازحين لا غير.

(الأنباء)

اقرأ أيضاً بقلم فيصل مرعي

المعلم كمال جنبلاط مصباح الديمقراطية المتكاملة..

خطاب القسم وحكومة استعادة الثقة

ارحموا لبنان يرحمكم التاريخ..

فلننقذ لبنان اليوم قبل الغد..

طبّقوا الطائف تنقذوا لبنان

لبنان: ديمقراطية مشوّهة وتخبط سياسي…

الاجماع والتوافق (وأي اجماع وتوافق!)

لا للصفقات ولا للاستئثار بعد اليوم

قادة بحجم الوطن أحسنوا قيادة السفينة

حماية لبنان من اولى اولويات الحكومة..

قانون انتخابي بلا نكهة سياسية

لبنان لا تطبيع ولا علاقات…

النأي بالنفس حاجة وضرورة..

..إذا قلنا: أخطأنا…

تسوية جديدة لا استقالة

سلسلة الرتب والرواتب..

لبنان وازمة النازحين..

قانون بلا نكهة سياسية وقيمة اصلاحية؟!

الدولة وحدها تحمي لبنان…

حلم راود اللبنانيين .. (وأي حلم؟!)