خطورة الواقع

سارة ابو حمدان

أنباء الشباب

نقف اليوم جميعاً امام عدد من المسرحيات التي تبدو حزينة كأوجاع تلبس شكل مأساة، لا تلبث ان تنتهي لنستدرك انها كانت واقعا لا تمثيلا، فنُصفع كفا بدل ان نصفق.

لم نكن نعلم ان حياة الانسان هي ارخص ما يكون في الوطن، لم نكن نعلم ان لا ظهر لنا، اننا نعيش في بلد نعد فيه الايام، لم نكن نعلم اننا منذ زمن بعيد فقدنا الأمان الحقيقي في وطننا.

هل قتل انسان ضعيف لا يحمل معه سوى كرامته، من قبل من يحمل السلاح يعد قوة؟ هل قدر الشريف ان يكسر؟ هل الذي يتشرب حب وطنه، يخان؟ هل الدولة هي للترهيب والتسلط؟ كيف يحق لمن لا يعرف سوى لغة السلاح ان يحاور؟ كيف لنا تحمل عنصرية لا تقدم لنا سوى فتيلة نار وحرب؟ اصحيح ان ذلك الذي اتى كريما، صادقا وطاهرا، قتلوه؟ أدول الاغتراب باتت مواطنا لشعبنا؟ لشبابنا المثقفين المتميزين والطموحين؟

كثيرة هي المواضيع التي تنهش تفاصيل حياتنا وباتت لا تعد ولا تحصى، ولكن اذا اردنا ان نسرد بعضها نبدأ بمحور الشباب، علينا صب الجهود الكبيرة لاعادتهم الى ارضهم واعطائهم الثقة الكبيرة بقدرتهم على اعادة محاولة العيش هنا. ان الشباب اللبناني، لا يرى مستقبلا له ضمن نطاق الوطن، ففرص العمل غير موجودة، قدرة السوق على استيعاب المتخرجين هي ضئيلة نظرا لتركيز القسم الاكبر من الطلاب على اختصاصات معينة، في الوقت الذي لم يعد يحتمل الوضع اعدادهم، وهنا لا بد من الاشارة الى ضرورة الارشاد التعليمي .

ان وجد الشاب اللبناني عملاً، سيتلقى أجراً يعزز الفكرة المكونة لديه بالهجرة. إنصاف العاملين هو من الامور الضرورية، لتحريك الدورة الاقتصادية، وبالتالي ضخ الدم في المحاور الميتة.

عندما، نطالب بتطوير سوق العمل علينا ان نوفر للشباب الأرض الخصبة ليبقوا، لا ندفع بهم ان استنزاف طاقاتهم والسير نحو المجهول الامر الذي يؤدي الى الاذى الذاتي او اللجوء الى الاعمال المشبوهة، لتوفير اقل متطلبات الانسان.

ثانيا، وتعقيبا على ما ورد، نأسف لما يحصل اليوم من تشويه صورة الانسان، فالذي تدفعه للعيش، للحياة، للاستمرار والعمل في بلده، يمت برصاصة طائشة، او يموت لانه ضعيف لا يملك السلاح ولا القوة، يموت لان البعض يظن اننا في شريعة الغاب لا يهابون قانونا ولا يدركون حجم جهلهم للواقع. من المعيب ان نسجن الشباب في قفص الجهل وضمن منطق السلاح والتشبيح. على الدولة فرض هيبتها التي نفتقدها في عدد من المفاصل. وان اردنا ان ندخل في سخرية الواقع والمحيط، فندرك ان في وطني المجرم الذي يدخل السجن ـ يخرج مجرما محترفا، نظرا لحالة السجون المزرية، وعدم تاهيل المسجون واعادة بناء شخصية قادرة على اعادة التأقلم مع المجتمع.

ثالثا، كيف لهم ان يستنزفونا الى درجة تحجيم القضاء وتسييسه، فتصبح الوسيلة التي نلجأ اليها، مكانا يسيطر عليه الكذب المنمق والكثير من الاحيان الكذب الساطع الوقح. مع احترامنا لكل الاجهزة القضائية، نلتمس تقصيرا في ادائها. فالاداء الصحيح لا يقول باستجواب صحافي، او شاب يعبر عن رأيه (ها)، بل يكون بضبط الامن ومعاقبة المجرمين ومحاسبة الجميع وبناء هيكل قضائي متين لا تهزه مصلحة سياسية او غيرها، فكلنا تحت القانون ونعمل وفق ما ينص عليه الدستور، فلتكسر روؤس التشبيح والتسلط ولتنتصر اصوات الحق، الضمير، العدالة والانصاف.

اخيرا، ان كل ما ورد  يصب في جزء من المشاكل التي نعانيها. نريد دولة، على الاقل نعيش فيها بكرامتنا، دولة تكون سند الضعيف ودرع بوجه القوي المتسلط الذي لا يهاب قانونا او توقيفا. اوجه رسالتي الى كل مسوؤل في الدولة، الى كل رجل سياسة وقانون، الى كل فرد تعنيه مصلحة بلده، الى كل فرد يدرك مع المواطنية وتكريس حياة يعمها السلام لنستطيع العيش مجتمعين، لا تفرق بيننا الطوائف، الاديان والاحزاب لا بل نجتمع كلنا تحت راية الدولة ، ودولة القانون. “فنحن نحب الحياة اذا ما استطعنا اليها سبيلا”.

(أنباء الشباب، الأنباء)

اقرأ أيضاً بقلم سارة ابو حمدان

قرع الطبول

اكاليل الغار ‎

وحشة الفراغ تحاصرنا!

فوضوية اليوم!

يا لعاركم!

في الظلام!

سياسة “كش ملك”!

الجامعة اللبنانية: أحمر بالخط العريض!

عذراً يا عروبتي!

صوتها لم ولن يستكين!

أين الكمال منكم؟