تدمير اليرموك انتصار على داعش أم تهجير جديد للفلسطينيين؟

ألقت الشرطة العسكرية الروسية القبض على مجموعة من العناصر التابعين لقوات النظام السوري والميليشيات الحليفة له بعد قيامهم بعمليات سرقة ونهب لمنازل اللاجئين الفلسطينيين في أحياء مخيم اليرموك وحي الحجر الأسود والمباني المحيطة به، بعد ساعات من إعلان النظام سيطرته على المخيم والأحياء المحيطة به، بعد خروج مقاتلي تنظيم الدولة (داعش) منه ونقلهم بالباصات الى مناطق في البادية السورية ومحافظة إدلب، بموجب اتفاق إجلاء برعاية “روسية”.

وتناقل ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي صوراً لجنود روس يفتشون عناصر عسكرية سورية، ويجبرونهم على الانبطاح أرضاً، وكان العناصر يستقلون سيارتين إحداهما محملة بأدوات كهربائية والثانية محملة بمادتي الحديد والألمنيوم.

كما تناقل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورا رهيبة للتدمير الذي لحق بمخيم اليرموك، وما تبعه من عملية نهب منظمة، من قوات النظام وحلفائه، والتي تحمل برأي العديد من المراقبين أكثر من دلالة، وتحمل في طياتها ما هو أبعد من عملية تحرير جوار دمشق من تنظيم (داعش).

إذ يربط بعض المراقبين تدمير مخيم اليرموك أكبر مخيمات الشتات الفلسطيني، بالتحولات التي تعصف بالقضية الفلسطينية، إذا اعتبر البعض أن عملية تدمير المخيم وتزامن الإعلان عن تحريره، بالتزامن من الذكرى الـ 70 للنكبة، لا يقل خطورة عن خطوة نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، فكما أزاح موقف الرئيس الأميركي ملف القدس عن طاولة مفاوضات الحل النهائي، فإن تدمير مخيم اليرموك وتهجير الفلسطينيين منه، يمل رسالة استعداد دول الممانعة إزاحة ملف اللاجئين عن مفاوضات الحل النهائي أيضاً.

المصادر ذكّرت بقول رئيس وزراء العدو الأسبق أرييل شارون بعد اجتياح بيروت عام 1982 وتدمير مخيمات صبرا وشاتيلا، وتهجير الفلسطينيين من بيروت، “إن القضاء على المخيمات الفلسطينية وتدميرها هي خطوة استراتيجية لإنهاء الصراع، وكما دمرنا مخيمات بيروت لا بد من تدمير مخيم اليرموك في يوم من الأيام”.

مخيم اليرموك هو أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، أنشئ عام 1957 على مساحة تقدر بـ2.11 كم مربع لتوفير الإقامة والمسكن للاجئين الفلسطينيين. يقع على مسافة 8 كم من دمشق وداخل حدود المدينة، يختلف عن تجمعات اللاجئين الفلسطينيين الأخرى في  سوريا، ويزدحم بالمساكن الاسمنتية والشوارع الضيقة ويكتظ بالسكان ولا يقتصر سكانه على اللاجئين الفلسطينيين فقط، بل كان يضم عدد كبير من السوريين الذين ينتسبون للطبقة الفقيرة، كما ويسمى عاصمة الشتات الفلسطيني كونه أكبر تجمع لفلسطينيي الشتات.

داخل المخيم شارعان رئيسيان هما شارع اليرموك وشارع فلسطين والعديد من الشوارع الفرعية التي لا تقل أهمية عن الشوارع الرئيسية مثل شارع لوبية وشارع صفد حيث يمتلئان بالمحلات التجارية ويزدحمان بسيارات الأجرة والحافلات الكبيرة التابعة للشركات الخاصة التي تصل المخيم بالعاصمة دمشق، ويعمل العديد من اللاجئين في المخيم كأطباء ومهندسين وموظفين مدنيين، ويعمل آخرون كعمالة مؤقتة وباعة متجولين. وبشكل عام في الوضع الطبيعي تبدو ظروف المعيشة في المخيم أفضل بكثير من مخيمات لاجئي فلسطين الأخرى في سوريا، يوجد بالمخيم أربعة مستشفيات مستشفى فلسطين وفايز حلاوة والرحمة ومستشفى الباسل وعدد من العيادات التخصصية الخاصة ومدارس ثانوية حكومية وأكبر عدد من مدارس الأونروا، وترعى الأونروا مركزين لبرامج المرأة لتقديم الأنشطة الخارجية مع تزايد السكان اللاجئين، كما يوجد بالمخيم عدة مسارح مثل مسرح الشهيدة حلوة زيدان ومسرح الخالصة ومسرح المركز الثقافي العربي.

في العام 2011، تحول المخيم ملجأ للكثير من أهالي ريف دمشق وأحياء العاصمة التي تعرّضت للقصف، كمدن بيلا وبليدا في الريف وكأحياء التضامن والحجر الأسود وحي القدم، والعسالي وغيرها، وبقي المخيم آنذاك هادئا نسبياً وبعيداً عن التوترات، لكن وفي منتصف شهر كانون الأول العام 2012 بدأت حملة عسكرية على المخيم بعد تقدم قوّات المعارضة من الأحياء الجنوبيّة لدمشق، وفي 16 – 12- 2012 قام الطيران السوري بقصف مدرسة الكرمل في شارع المدارس التي لجأت إلهيا عدة عوائل مهاجرة، كما قصفت الطائرات جامع عبد القادر الحسيني في شارع عز الدين القسام والذي كان يؤوي الكثير من النازحين أيضاً من الأحياء المجاورة وسقط العديد من الأشخاص بين قتيل وجريح، ثم اندلعت اشتباكات بين طرفي النزاع، الجيش النظامي السوري والجيش الحر مع بعض العناصر الفلسطينية التي انشقّت عن اللجان الشعبية التابعة لأحمد جبريل، تلا ذلك تمركز للدبابات عند ساحة البطيخة في أول المخيم، عندها بدأت موجة نزوح للأهالي بأعداد هائلة.

مخيم اليرموك ليس المخيم الوحيد الذي دمره النظام السوري خلال، إنما سبقه قبل ذلك تدمير وتهجير مخيم خان الشيخ ومخيم خان دنون، ومخيم درعا، وغيرها من المخيمات التي سويت بالأرض ولم تكن ضمن مناطق النزاع بين النظام و(داعش).

(الأنباء)