زلزال يطيح بالأحزاب التقليدية الإيطالية

بعد أكثر من شهرين مرّا على نتائج الانتخابات التشريعية في إيطاليا وبعد مشاورات مكوكية وتحذير رئيس الجمهورية سرجو ماتاريلا، وتحذير  الأحزاب الفائزة من تشكيل حكومة تكنوقراط فى حال عدم توفر أكثرية سياسية واختيار رئيس للحكومة توصل كل من حركة النجوم الخمسة ورابطة الشمال إلى حل يقضي باقتراح رجل القانون والاقتصاد جوزبه كونتي لقيادة البلاد.

رئيس الدولة سرجو ماتاريلا يقوم في هذه الأيام بمشاورات مع رؤساء المجلس النيابي ومجلس الشيوخ والأحزاب لتسمية الرجل الجديد الذي سيترأس الحكومة رقم 75 منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

بعد حكم طويل للأحزاب التقليدية تتسلم السلطة قوى جديدة تمثل بمعظمها جيل من الشبان يطمح التخلص من طبقة سياسية راكمت الديون على البلاد وتركت الأجيال الصاعدة تواجه البطالة.

كما ذكرنا لم يتم التوصل الى أى اتفاق بين تحالف اليمين بقيادة “الرابطة الشمال (شبيهة بالجبهة الوطنية الفرنسية)، وهي جزء من تحالف يمين الوسط تصدر نتائج الانتخابات بنسبة 37% من الأصوات وحركة “الخمس نجوم” التى احتلت المركز الأول بين الأحزاب مع أكثر من 32% من الأصوات و”الحزب الديموقراطى” الذي حصل على 19% من الأصوات (يشمل أحزاب الوسط المسيحي واليسار الإيطالي).

العائق الوحيد الذي حال دون تشكيل الحكومة عدم توصل زعيمي رابطة الشمال والنجوم إلى اختيار رئيس للحكومة ورغبة كل منهما ترأسها. إلا أنه بعدما عجزا عن تحقيق ذلك توصلا إلى اتفاق حول شخصية مقبولة من كلا الطرفين أي رئيس الحكومة المقترح جوزبه كونتي الذي كان بعيد عن الأنظار في إيطاليا ومعروف بالخارج كشخصية مرموقة وخبير بالقانون والاقتصاد.

قال زعيم حركة النجوم الخمسة دي مايو البالغ من العمر 32 سنة: “اذا أردنا فعلا تغيير الأمور أقول لزعيم رابطة الشمال سالفيني: فلنختر سويا رئيسا للحكومة، بشرط تبنى مخصص المواطنة”، أى المبلغ المالي الذى يقدم الى المواطن العاطل عن العمل وهو أمر الذي كانت ترفضه “الرابطة” وتغيير اصلاح المعاشات التقاعدية.

مخصص المواطنة له أهمية بالغة في برنامج الخمسة نجوم يقضي بمنح الشبان العاطلين عن العمل سوية بالبلدان الأوروبية مثل فرنسا وألمانية حد أدنى يصل إلى 780 يورو شهريا كما يرفع الحد الأدنى للشيخوخة و التقاعد الأدنى إلى هذه النسبة.

رجل المال والأعمال ورئيس الحكومة السابق سيلفيو برلوسكونى، حليف سالفيني زعيم رابطة الشمال وحزب اشقاء إيطاليا اليميني بقيوا في المعارضة رغم كونهم في تحالف يمين الوسط. السبب أن دى مايو كان يرفض  بشكل قاطع التحدث معهما.

الأهم من كل ذلك ما يقلق الاتحاد الأوروبي بالنسبة للسياسة الخارجية التي ستتبعها الحكومة الإيطالية الجديدة الأمر الذي دفع رئيس فرنسا والمستشارة الألمانية ومسؤولين في البرلمان الأوروبي الى شن هجوم على الحكومة الجديدة قبل ولادتها.

فالأحزاب الفائزة جاءت تعبيرا واضحا للمشاكل التي تعاني منها إيطاليا بسبب تقلص دورها واقتصادها عالميا رغم أنها تمثل الاقتصاد الثالث في الاتحاد الأوروبي. الأحزاب التي ستحكم إيطاليا بعد أيام لديها توجهات جيدة تسعى إلى إنهاء الهيمنة الألمانية والفرنسية على القرار الإيطالي وهذا ما تسعى إليه:

– الخروج من العملة الأوروبية الموحدة إذا لم تقبل الجماعة الأوروبية بالشروط الخاصة للحكومة الإيطالية الجديدة

– سياسة خارجية تقضي بتقليص مشاركة إيطاليا بالمهام الخارجية وتسعى رابطة الشمال إلى تقليص وثم سحب الجنود الإيطاليين المشاركين في مهام حفظ السلام في جنوب لبنان والنيجر وسحب الكتيبة الإيطالية في أقرب وقت من أفغانستان.

– معارضة فرضت العقوبات على الاتحاد الروسي وبل تطوير العلاقات الاقتصادية مع روسيا وإتباع سياسة الاستثمار المشترك ورفض سياسة العقوبات الاقتصادية عللى الدول كوسيلة لرفض الشروط.

– الانسحاب من الاتفاقيات الأوروبية ” الظالمة ” تجاه إيطالية حيث تستقبل أكبر عدد من النازحين ورصد الحكومة الجديدة صندوق خاص لترحيل الأجانب.

طلال خريس – الانباء