هذا ما حلّ بالمركز الاسلامي الثقافي في روما بعدما تخلى العرب عنه

روما- “الأنباء”

في 15 تموز 1966، قام نخبة من المفكرين العرب الإسلاميين بتأسيس المركز الإسلامي الثقافي في ايطاليا وانتخبوا مجلس إدارة برئاسة بهاء عوني، واتخذ مقراً له في روما في منطقة بريولي، إحدى أرقى المناطق في العاصمة الإيطالية.

أهم الأهداف التي عمل من أجلها المركز الثقافي الإسلامي هي مكافحة الإلحاد وتعزيز وتنمية العلاقات بين معتنقي الإسلام، تأمين الوسائل المناسبة لمساعدة المسلمين في إيطاليا سواء من الناحية المادية أو من الناحية الروحية.

في ذلك الوقت، كانت أكبر الأحزاب الإيطالية منها الحزب الديمقراطي المسيحي، الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي تحكم البلاد بأسرها وكانت تربطها علاقات صداقة وطيدة مع العالم العربي والإسلامي، لذلك قامت بلدية روما التي كان يحكمها اليسار بتخصيص قطعة أرض كبيرة شيّد عليها المسجد الكبير التابع للمركز الثقافي الإسلامي ومنحت أرض كمقبرة للمسلمين، وحصلت على موافقة البلدية التي قامت باقتطاع قسم من مقبرة “بريما بورتا” ومنحها مجاناً.

تحقق الحلم وحصل المركز على قطعة أرض تصلح لبناء مسجد عليها في العام 1974 وبدأ المركز الإسلامي بتشييد أكبر مسجد في أوروبا على مساحة تقدر 30 ألف متر مربع في منطقة “البريولي”، حيث لعب دوراً كبيراً في الساحة الإيطالية ولا سيما مع حاضرة الفاتيكان وذلك قبل إنتشار عدد كبير من المساجد معظمها بإدارة المتشددين.

مبادرات عديدة قام بها المركز مع المؤسسات الدينية المسيحية وبشكل خاص مبادرات مباشرة بالحوار مع الفاتيكان، وقد خصصت المملكة العربية السعودية ميزانية أولية للمركز تتراوح ما بين 400.000 يورو إلى 2 مليون يورو.

تقرر أن تكون الإدارة مشتركة بين المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، وهكذا ترأس إدارة المركز سنة 1995 إلى 1998 الشيخ عبد اللطيف الكتاني من الرباط الذي أصبح فيما بعد شيخ الزاوية الكتانية في المغرب.

منذ سنة 1998، أصبح وما يزال عبد الله رضوان الرجل الأول في المركز الإسلامي في روما وكان منتدباً من السفارة المغربية ورئيساً للمركز الثقافي الإسلامي بروما.

هذا المركز الذي شكل موضع إعتزاز للمسلمين والعرب وكان يبدي له المسيحيون الاحترام والتقدير، يعاني من مشاكل كبيرة ولا يتقاضى العاملون فيه مرتبهم الشهري كما لم يشهد منذ سنوات أي صيانة أو ترميم، واختفت من حياة المركز المبادرات الثقافية ويوماً بعد يوم يتضاءل عدد الوافدين إليه رغم عظمته.

المركز اليوم أشبه اليوم بمكان في الصحراء ولا أحد يعلم أي مستقبل ينتظره بعد تخلي الدول العربية والإسلامية عنه، وقد توجه العاملون في المركز إلى الصحافة الإيطالية لطلب المساعدة وإنقاذ هذا الصرح الكبير بعد أن توجهوا إلى الدول العربية والإسلامية المنشغلة بالحروب بين بعضها البعض.

يبقى أن هذا المركز هو معلم تراثي قديم، ويستحق الإهتمام العربي والإسلامي.

طلال خريس- “الأنباء”