الإعلان العربي لحقوق النساء من ذوي الإعاقة

د. ناصر زيدان (الخليج الاماراتية)

من ظواهر التقدّم عند الشعوب؛ رعاية شؤون غير القادرين على العمل، وحفظ كرامة وحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة. ولعلّ أبرز ما جاء في الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن للعام 1789، كان الإشارة إلى مسؤولية الدولة الفرنسية عن تأمين وسائل العيش لغير القادرين على العمل، أو لمن يحلوا للبعض تسميتهم ب«المعوّقين»، أو ذوي الاحتياجات الخاصة، أو «الأشخاص ذوي الإعاقة»، كما سمّتهم الاتفاقية الدولية لحقوق المعوّقين لعام 2006.

وقد تكون فئة النساء من ذوي الاحتياجات الخاصة، هنّ الأكثر حاجة للرعاية؛ نظراً للخصوصية التي يتميّز بها جسد المرأة، ولكونها راعية للأطفال المعوّقين في آنٍ واحد.

في 15يناير 2018؛ صدر في القاهرة «الإعلان العربي لحقوق النساء ذوي الإعاقة»، بعد مداولات جرت في مؤتمر عقدته الجمعيات النسائية العربية، والمنظمات التي ترعى شؤون المعوّقين العرب، وقد رعى المؤتمر أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، بدعم من برنامج الخليج العربي للتنمية (اغفند).

وقد عالج المؤتمر مجموعة من المعضلات التي تواجه المرأة العربية، لاسيما اللواتي لديهن بعض المعوقات، وذلك لكونهن أمهات لأطفال لديهم إعاقات جسدية وعقلية ونفسية.

وكان واضحاً أن بعض الدول العربية لا تلتزم بالمعايير التي وضعتها الاتفاقية الدولية للقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة للعام 1979، وذلك بمحددات الاتفاقية الدولية لحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة للعام 2006. كما أن مداولات المؤتمر تطرقت إلى مواضيع لم تُعالج من قبل، منها: الاختلال الواضح في عدم تأمين الحاجات الصحية والرعائية الخاصة بالمرأة المعوّقة؛ نظراً للواقع المُتميز الذي يتعلّق بوضع المرأة الجنسي، وكونها أماً لأطفال معوّقين يحتاجون لرعاية خاصة دائمة.

الإعلان العربي لحقوق المرأة المعوّقة، طالب بإنصاف النساء (لاسيما المُعوَّقات منهُنّ) في مجال تأمين العمل المناسب لهنَّ، وفي مساعدتهنَّ على رعاية أطفالهن بطرق مختلفة، كما طالب بتأمين مورد معيشي دائم للواتي لا يستطعن العمل منهن. وهذه المعايير أشارت إليها الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وتُطبقها دول عديدة في العالم، منها دول الاتحاد الأوروبي على سبيل المثال.

وقد تكون المسألة الأبرز التي أضاء عليها إعلان القاهرة، هي المطالبة بتوفير الأرضية التشريعية والقانونية المناسبة، لكي تتمكن المرأة العربية ولا سيما التي لديها حاجات خاصة من ممارسة دورها الاجتماعي والإداري والسياسي والقيادي على قدم المساواة مع الرجل، أو مع الأشخاص الآخرين، ذلك أن كثيراً من القوانين والمذكرات الإدارية في عدد من الدول العربية، تمنع المرأة من الدخول في العمل الوظيفي في عدة قطاعات بسبب بعض الإعاقة الجسدية لديها.

وقد كان للمداخلات العديدة التي أدلى بها عدد من النساء في مؤتمر القاهرة؛ تأثيرها على مدرجات «بيان حقوق النساء ذوي الاحتياجات الخاصة»، بحيث رفضت الغالبية منهن فرض الشهادة الصحية على كل من يتقدمن للحصول على وظيفة من النساء، واعتبار وجود أي إعاقة جسدية بمثابة المانع القانوني للحصول على الوظيفة؛ لأن العديد من الوظائف الإدارية والفنية والقيادية لا تتطلَّب أي مجهود جسدي، ويمكن لذوي الاحتياجات الخاصة لا سيما النساء ممارسة هذه المهن بمهارة عالية، وهناك تجارب ناجحة حصلت في العديد من الدول يمكن الاعتداد بها.

أما مسألة عدم قبول عمل المرأة المعوّقة جزئياً في القوات المسلحة؛ فيمكن أخذه في الاعتبار، على أساس أن العمل الأمني، أو العسكري، يتطلَّب بُنية جسدية قوية، إلا أن تلك الشروط الخاصة لا تمنع من الاستعانة بذوي الاحتياجات الخاصة البسيطة في بعض الأعمال الفنية، أو اللوجستية التي لا تحتاج إلى مجهودات جسدية.

تُقدر الأمم المتحدة وجود أكثر من 900 مليون شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة في العالم، منهم أطفال ونساء، وعدد كبير من الرجال الذين أُصيبوا في الحروب والهجمات المختلفة.

وتقول الأمم المتحدة إن 80% من هؤلاء ينتمون إلى دول فقيرة (أي من دول العالم الثالث)، لاسيما من دول حصلت فيها حروب متنوعة، كسوريا والعراق وأفغانستان ويوغسلافيا السابقة، وليبيا والسودان وروندا، وبوروندي وكمبوديا وغيرها.

وقد ثبت من جراء بعض الإحصاءات غير الرسمية، أن الحروب سبب رئيسي لوجود الإعاقات الجسدية والنفسية على وجه التحديد، كما أن نقص الرعاية الصحية في بعض دول العالم الثالث يعتبر سبباً رئيساً آخر لانتشار ظاهر الإعاقة عند الولادة، كما لا يمكن إغفال حوادث السير كسبب لا يُستهان به، من أسباب تزايد أعداد المُعوّقين.

اقرأ أيضاً بقلم د. ناصر زيدان (الخليج الاماراتية)

قمة اللقاءات الجانبية

إشكالية تعطيل الحكومة اللبنانية

أفغانستان والديمقراطية والتفجيرات

صعوبات جديدة أمام السياسة الروسية

روسيا وألمانيا والمصالح الاستراتيجية

الاتحاد الأوروبي وملفات المنطقة

قمة هلسنكي والمخاوف الأوروبية

مستقبل لبنان بعد الانتخابات النيابية

الانتخابات الإيطالية وضباب القارة الأوروبية

الأسبوع الآسيوي – الأميركي

في حجم تأثير الأوهام السياسية

تغييرات في نمط العلاقات الدولية

إعادة خلط الأوراق في بلاد الشام

الأسرى الفلسطينيون والجرائم الدولية الموصوفة

العدالة الدولية عندما تصطدم بالسياسة

أسئلة بمناسبة ستينية الاتحاد الأوروبي

ميونيخ 2017: مؤشرات مُختلفة

حراك من نوع آخر في شرق المتوسط

عن تطور العلاقات السعودية – الصينية

قراءة هادئة في نتائج الاستفتاء البريطاني