إنتخابات أخذ العبر للمنتصر والمهزوم

منير بركات

قدمت الانتخابات النيابية الأخيرة العبر والدروس للمنتصرين والمهزومين على السواء.
فاليعلم الجميع بأن الخطاب التحريضي المذهبي سلاح ذو حدين الذي يؤدي وظيفته باستنفار الجهات المتقابلة بغريزة متخلفة يحكمها اللاوعي وعلى حساب الديموقراطية والمصالحة والسلم الاهلي.

لا شك بالرغم من الاستفزازات المتعددة في الجبل بمواجهة لائحة المصالحة بقي الحزب التقدمي الاشتراكي ورئيس لائحة المصالحة رزيناً بتغليب الخطاب المعتدل والهادئ على خطاب الفتنة والحقد الذي ينم عن مخزوناً من روح الانتقام والاسلوب التعبوي الفتنوي الفاقع بالاسفاف والتخلف.

ولكن كل ذلك لا يمنعنا من قراءة هادئة للتحولات في مزاج عدد كبير من الناخبين، لم يعد ينفع معه ممارسة السلطة التقليدية ولا الاستنفار المذهبي ولا الخطر على المصير بدليل لجوء آلاف من المقترعين الى بدائل لا تعبر عن همومهم وحل مشاكلهم بقدر التعبير عن الرفض لواقع تحاسب فيه قوى لا تتحمل مسؤولية عدم تلبية الخدمات الكاملة وهي من مهمة ودور السلطة العفنة والنظام المأزوم.

لذلك من المهم جداً إعادة إحياء المشروع الوطني المدني الحديث بقيادة تستعيد الذاكرة النظيفة منه وهو الذي استهدف من نظام الوصاية السورية وقضي عليه وعلى رئيسه من النظام الذي كان عراب بعض اللوائح وخاض المعركة الانتخابية ببعض رموزه بوقاحة يحاول فيها التأثير الكامل على القرار السياسي وعلى الحالة المعنوية الوطنية.

اذن الرد يكون بتجميع كل الرافضين لهذا الواقع الطائفي الفئوي وكل من يؤمن بالسيادة وبناء الدولة الحديثة، وسوف تكون القوى الحية في مكانها وموقعها الطبيعي للنهوض بالمشروع الوطني من جديد.

ولكن من الأهمية في ظل غياب المواطنة ودور الدولة أن يواكب التأسيس لبلورة صيغ النضال الجديدة، وأن تقوم الاحزاب الوطنية الاساسية بتحويل مراكزها الى مراجع خدماتية وانمائية يومية وتغيير اسلوب التعاطي مع الناس وعلى الكادر تجديد نفسه باستمرار وردم هوة القطع مع الشباب، وان يغادر وقوفه عند الماضي والتاريخ الذي استنزف واستهلك بالصرف الدائم منه وهو بحاجة لتغذيته بتنشيطه والمثابرة والمواكبة بالتماهي مع مشاعر الناس ومشاكلهم في الكثير من الحالات وفي الوقت نفسه خوض المعارك السياسية والمطلبية مما ينضج امكانية تصويب المجتمع المدني واستقطابه واستيعابه وليس لأحد القدرة على ذلك اكثر من الحزب التقدمي الاشتراكي ومنظماته الرديفة وحلفائه الشرفاء الاوفياء لتراث المعلم الشهيد كمال جنبلاط، والذي اثبت بالرغم من استهدافه في الانتخابات الاخيرة بأن يحافظ على وزنه وأن يؤكد على هويته العابرة للطوائف بتنوع كتلته التي تعكس تنوع قاعدته الوطنية،
وبالمقابل عرف خصمه السياسي المباشر حجمه جيدا، كما تأكد من القدرة الصلبة لهذه الكتلة الوطنية العربية التقدمية بجذورها وامتداداتها.

وفي النهاية ندعو الجميع من أخذ العبر والاستفادة من هذه التجربة الجديدة بتظهير القانون الملتبس الجديد وبالعودة الى الحوار الديموقراطي بين الجميع وبالحفاظ على الاستقرار ومواجهة الفساد وحل المعضلات البيئية والاجتماعية والحياتية.

*رئيس الحركة اليسارية اللبنانية

اقرأ أيضاً بقلم منير بركات

طلّة راقية في ذكرى مولده

لن يتمكنوا من تغيير هوية الجبل ووجهه

التحذير الفرنسي للبنان شبيه بتحذير السفير الفرنسي قبيل اجتياح 1982!؟

مفهوم الدولة وشروط تكوينها 

مكامن الخلل في تجزئة الحرية؟

أهل التوحيد والتاريخ المجيد… غادروا الماضي واصنعوا المستقبل !؟

الألفية التاريخية للموحّدين الدروز

تحفّزوا بالقامات الكبيرة يا حديثي النعمة!؟

بعيداً من التبسيط.. البلد على حافة الهاوية!؟

العقوبات غير المسبوقة تصيب مقتلاً في النظام الإيراني

الموحّدون الدروز: المخاوف من إطاحة الوطن

مبادرة “التقدمي”: خطوة متقدمة لحماية الحريات العامة

على الرئيس المنشود ممارسة القمع لكي يكون مرشح الناخب الأول!؟

تلازم الفاشية مع الطائفية ومأزق الحكم

أين المصير الواحد والبلد الواحد واللغة الواحدة من كل هذا؟

المطلوب وقفة موحدة ضد النظام!

الشعوب ضحية الأطماع الدولية والأسد فقد دوره الأقليمي

بلورة المشروع الوطني المعارض

رسالة الى رئيس الجمهورية

الاطاحة بالطائف يعيدكم الى حجمكم!؟