هل تقدمنا شبراً او تقهقرنا دهراً؟/ بقلم فريد مكارم

وطن تقدسه الورى في حين ينكره بنوه،

وطن يباع، ويُشترى والبائع الشاري ذووه،

وطن بليته بشعب قد تشعب حاكموه،

 

الأخ وليد جنبلاط المحترم،

تحية وسلاما،

تجدون طيه قصيدة وطنية لبنانية للشاعر المهجري ابن بلدتنا الجميلة رأس المتن المرحوم محمد هاني.

كان محبا لبلده لبنان، وفي العام ١٩٥٨ ألقى هذه القصيدة المرفقة في النادي اللبناني في مدينة كوماسي، غانا، بعد عودته من زيارة الى لبنان.

وصدف ان هذه القصيدة هي “فوتوكوبي” وصورة حقيقية عن وضع لبنان، آنذاك وحتى يومنا هذا، اي بعد ٦٠ عاما، وقد قدمت نسخة منها الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون شخصيا اثناء زيارتنا الاغترابية مع بعض المغتربين من عدة دول في الصيف الماضي في قصر بعبدا.

وسؤالي يا وليد بك، وبصفتكم أكثر السياسيين اللبنانيين ثقافة كما يقال، وبصفتكم ابلغ السياسيين اللبنانيين تعبيرا وتغريدا ويعتبرون تغريدتكم البوصلة في معظم الظروف، وبصفتكم من السياسيين القلائل الذين خبروا أصعب المواقف وأشد المحن.

وبصفتكم وريث الأيقونة المعرفية والمعروفية الزاهد الحكيم المرحوم كمال جنبلاط، وبصفتكم حفيد “أمير البيان” المرحوم الامير شكيب أرسلان، الشخصية العروبية الصادقة التي خدمت “الجبلين” آنذاك بين سوريا والآستانة.

وسؤالي لكم بعد قراءة أبيات القصيدة،

١-هل تقدمنا شبراً ام تقهقرنا دهرا من ذلك التاريخ حتى يومنا هذا؟ ومن المسؤول؟ وما الأسباب؟

٢-هل هناك أمل في التغيير مع هذا النظام اللبناني القائم، او مع الدم السياسي الجديد او مع الأفكار الجديدة التي نسمعها كل يوم، من المجتمع المدني او غيره، هل سيُصبِح للبناننا الحبيب دولة حقيقية وطبيعية (كغابة ارز الباروك الجميلة التي يسودها العدل بين أشجارها المباركة واغصانها الخضراء ولا يختلفون حول أوكسجينها وشمسها وشتاءها وكربونها، بل كل أرزة تخدم كل أرزة واخواتها بهدوء وسلام دون تعد واعتداء) دولة تخدم المقيم والمغترب دون اللجوء الي الزعامات والوساطات والمرجعيات، وبالمباشرة كبعض الدول المتقدمة التي نعيش فيها نحن المغتربون؟

بكل محبة

فريد مكارم

كاليفورنيا- الولايات المتحدة الأميركية

 

“ختامها مسك”

وطن تقدسه الورى

في حين نكره بنوه

***

وطن يُباع ويُشترى

والبائع والشاري ذووه

***

وطن بليته بشعب

قد تشعب حاكموه

***

وطن يصيح من الجراح

ومسعفوه الذابحوه

***

يا ويح هذا الشرق كم

يشقى ويلقى مرسلوه

***

جاء المسيح صلبتموه

وأحمد فرجمتموه

***

كم غير هذا وغير ذاك

رفضتموه قتلتموه

***

وطن تمزق بين أهواء

السياسة ساكنوه

***

كأب تنازع وأبنه

وأخ يناكره أخوه

***

فعياله وضياعه

قد مزقوه وضيعوه

***

وطن يُنادي المخلصين

من العذاب يخلصوه

***

وطن يود المصلحين

وقد تهاون مصلحوه

***

لبنانكم هذا الصغير

عن الرضاعة فأطموه

***

لبنانكم هذا الكبير

عن المهانة أكبروه

***

لا تجعلوا الاديان تفرقه

ودينكم أفهموه

***

الدين للديّان وحده

كيف شئتم فأتبعوه

***

لكنما الوطن الوحيد

لكلكم لا تهملوه

***

ان كان أرز الرب يهوى

الرب لم لم تعبدوه

***

عيشوا بانجيل المحبة

والتعصب فأنبذوه

***

إن كنتم فيه نصارى

في الشدائد فأنصروه

***

أو كنتم الاسلام فيه

للسوى لا تسلموه

***

أو كنتم فيه دروزاً

كل عابث فإدحروه

***

لبنانكم مجد وعز

حاذروا أن تهدموه

***

لبنان موئلكم ومسقط

رأسكم لا تسقطوه

***

لبنانكم علم بأيديكم

إلى الفلك إرفعوه

***

غطو به وجه النجوم

وبالكواكب رصعوه

***

لبنان أقدس ما يقدس

بعد ربي قدسوه

***

هو إرثكم وكما ورثتم

عن جدود ورثوه

***

زيدوا على الإرث الكريم

بجهدكم كي تكملوه

***

لبنانكم خير ومعرفة

ونور فأشعلوه

***

والخير في لبنان خبز

للجياع فأطعموه

***

والحق في لبنان ملح

إن كرمتم فأبذلوه

***

سيجيئ في لبنان يوم

فيه تتضح الوجوه

***

سيجيئ في لبنان يوم

فيه يشهر خائنوه

***

يا خائنيه وقد نهاكم

إرحلوا عنه اتركوه

***

لبنانكم مهوى الخيال

فهذبوه وأبرزوه

***

لبنانكم شعر الجمال

فنضروه ونظموه

***

كم شاعر قبلي تغنّى

بالجمال فقبحوه

***

كم كاتب قبلي ترسل

بالسلاسل كبّلوه

***

كم من يراع مشرع

للحق فيه حطموه

***

كم صائح بالصوت

ود خصومه أن يخنقوه

***

لكن صوت الحق جلجلة

ورعد فاسمعوه

***

لبنانكم لبنانكم

لبنانكم لا تخذلوه

***

لبنانكم لبنانكم

صلّوا له بل فاعبدوه

 

*قصيدة للمرحوم محمد هاني

الشاعر محمد هاني ولد سنة 1912، ودرس في مدرسة  اوليفر، السرايا، رأس  المتن، ثم في الجامعة الوطنية عاليه أيام مارون عبود، بعدها سافر إلى إفريقيا- غانا، هناك نظم هذه القصيدة وألقاها في  النادي اللبناني سنة 1958.

(الأنباء)