ما الدور المطلوب من المجتمع المدني؟

غسان غرز الدين

أنباء الشباب

أليست الاحزاب مجتمعا مدنيا؟ اليس تضليلا استخدام اسم المجتمع المدني لاستقطاب الناس للتصويت لمؤسساته؟ الم يكن اجدر بمؤسسات المجتمع التي تريد المشاركة في الانتخابات انشاء احزاب؟ هل عدم القدرة على انشاء احزاب مثل ما حصل مع بيروت مدينتي بسبب الخلاف على القيادة سبب لعدم الخروج من تحت مظلة المجتمع المدني؟ ما هو دور المجتمع المدني بالمفهوم اللبناني؟ هل دوره الوصول الى السلطة تحت مسمى المجتمع المدني؟ من يراقب الانتخابات اذا المجتمع المدني مشارك في السلطة؟ ما الفرق بين المجتمع المدني بالمفهوم اللبناني والاحزاب السياسية؟

هل الفرق بين المجتمع المدني والاحزاب هو تاريخ الاحزاب؟ هل الفرق بين المجتمع المدني والاحزاب هو برنامج انتخابي؟ هل الفرق بين المجتمع المدني والاحزاب هو رؤية؟ هل الفرق بين المجتمع المدني والاحزاب هو الامكانيات؟ هل الفرق بين المجتمع المدني والاحزاب هو مصلحة الوطن والمواطن؟ هل الفرق بين المجتمع المدني والاحزاب هو الخبرة في ادارة الشأن العام؟

أولا هناك خلاف واضح في لبنان حول ما هو دور المجتمع المدني في لبنان، وبمجرد التفكير بالمشاركة في الانتخابات تحت مسمى المجتمع المدني زاد الارباك عند الناخب. كان على المجتمع المدني ان يدرس الخيارات بشكل افضل، مثال على ذلك ما حصل مع المجتمع المدني في اسبانيا والذي خرج من رحمه حزبين مثل بوديموس الذي اصبح القوة الثالثة في البرلمان والغى هيمنة الحزبين الحاكمين، وسيودادانوس(مواطنون) القوة الرابعة.

انشاء احزاب من رحم المجتمع المدني يساعد اكثر على استقطاب الناس، فكل حزب او مسيرة سياسية يجب ان تستند الى مبادئ واسس فكرية ووطنية وقومية بالاضافة الى ايديولوجيا سياسية واضحة، ونظرة سياسية هادفة وواضحة بالاضافة الى موقف دولي.

هل الايديولوجيا المرتكزة على مكافحة الفساد، وتاريخ الاحزاب، وفساد الاحزاب، وتسكير البيوت السياسية، والاستنسابية بالتعامل مع بعض الاحزاب والتي بايديولوجيتها هي اقرب للمفهوم الحقيقي للمجتمع المدني هو نقطة انطلاق؟ هل تعدد وجوه المجتمع المدني من خلال كلنا وطني، ومدنية، وسبعة وغيرها عامل قوة للمجتمع المدني؟ هل المجتمع المدني وحركته الانتخابية هو فقط موسمي عند اقتراب الاستحقاقات الانتخابية؟

مقاربة المجتمع المدني للسياسة اللبنانية لا يستند على دراسة واقعية للتاريخ السياسي اللبناني وهو نظام سياسي انشئ منذ القرن التاسع عشر وهو يرتكز على مقومات دينية وطائفية وقبلية بحت.انطلاق المجتمع المدني يجب ان يكون من اخر ما تقدم، وهنا يكمن التحدي الفعلي للمجتمع المدني.

البرنامج الانتخابي هو مسار موجود عند الأحزاب وعند المجتمع المدني، وتطبيقه هو التحدي الفعلي، والسؤال هنا ما قدرة الاحزاب او المجتمع المدني على تطبيق البرامج الانتخابية؟

السياسة التوافقية وغياب المعارضة الفعلية هي سبب من اسباب عدم تطبيق البرامج، فالقرار السياسي في لبنان ليس مرتبط بحزب واحد، ما يعني انه اذا وصل الى السلطة لا يمكنه ان يصدر قرار كان وعد الناخب به. لا بل ان بعض الوعود الانخابية هي اما مستحيلة او خرق لبعض الاعراف الطائفية الموجودة، وهنا لا بد من الاشارة الى ان الدستور اللبناني أعطى قوة للطوائف فوق القانون ومثال على ذلك المحاكم الدينية.

كان الاجدر بالمجتمع المدني عدم المشاركة في الوصول إلى السلطة،لا بل كان الاجدر مراقبة اداء السلطة، و تسليط الضوء عليها وعلى الثغرات الموجودة ومحاولة تصحيحها، ممارسة الضغط على السياسيين مثل ما حصل بالقرارات المتعلقة بالنفط والغاز، او العنف الاسري، او غيرها الكثير من القرارات. بما ان المجتمع الدولي يثق ويعتمد على مؤسسات المجتمع المدني في الكثير من القضايا المحلية، فإذا اصبحت هذه المؤسسات جزء من اللعبة السياسية من سأخذ هذا الدور السابق للمجتمع المدني؟

الحصول على ثقة الناس هو التحدي الاكبر للجميع يما فيها الاحزاب، ومثل ما استطاع المجتمع المدني استقطاب الناس يستطيع خسارتهم بسسب انتهازية بعض العاملين في داخله. وهنا لا بد من الاشارة الى ان العديد من صقور المجتمع المدني هم اشخاص كانوا داخل الملعب الاحزاب، ولو انهم حصلوا على مبتغاهم ما كانوا ليتركوا احزابهم.

الخلاصة ان التركيبة السياسية اللبنانية ابعد من ان تكون مبنية على أشخاص. التغيير لا يأتي الا من الداخل من داخل الأحزاب، عبر بناء قيادات علمانية واعية تشارك مؤسسات المجتمع المدني في صقل قدراتها، فبعض المرشحين من المجتمع المدني يملكون مؤسسات ومراكز بحوث وشركات استشارات تساهم في العديد من المشاريع في لبنان، وتعمل مع الاحزاب على بعض مشاريع القوانين وعلى بناء قدرات كوادر هذه الاحزاب.

أخيرا إن الانتخابات حق لكل مواطن، لا احد يملي عليك اي قرار، انت سيد نفسك، القرار الاول والاخير لك وحق كل شخص المحاسبة، والمحاسبة لا تأتي الا من خلال الانتخابات والاقتراع. المطلوب اليوم هو عدم محاسبة الشخص بسبب توجهاته وإنتمائه، لا تحاسب الشخص فقط لانه منتمي الى حزب معين، لا تحاسب الشخص لأنه يختلف بالرأي عنك، الاختلاف بالرأي لا يفسد صداقتنا لا بل ينمي عقولنا.

(الانباء)