هادي أبو الحسن… لمسة وفاء

محمود الاحمدية

كان ذلك عام 2000 وشركتنا التي تصنّع السقالات الحديدية أمّنت على عمالها وخاصة الذين يركّبون هذه السقالات، مع شركة ميد غولف في عاليه والتي يديرها الأستاذ هادي أبو الحسن ومرّت السنوات والمعاملة كانت ممتازة في علاقة شركتنا مع الميد غولف عبر الأستاذ هادي ولم يتراجع عن إحقاق الحق لحظة واحدة وعند كل المشاكل والحوادث التي مرّت بها شركتنا وخاصة أن طبيعة عملنا خطيرة وغير عادية لأنه من المطلوب منك بعض المرات تركيب السقالات إلى ارتفاعات عالية تصل بعض المرات إلى ماية متر في الأبراج العالية…

ولكن أخطر تلك الحوادث وهي موضوع مقالتي، عندما سقط المعلم نزار أشهر المعلّمين في شركتنا لدى الزبائن المقاولين وذلك من الطابق السادس ووقع على الدرج وكان المشروع سنتر شتورا وكان من حسن حظنا ومن المقدّر أن يكون موقع هذا المشروع على بُعد أمتار من مستشفى الميس في شتورا وحمله رفاقه المعلمون إلى المستشفى.

وبعد الأشعة استأصل الجرّاح الطحال ودخل العناية الفائقة وتحت الخطر الكبير، وفي هذه الأثناء لم يقصر الأستاذ هادي ودفعت كافة تكاليف المستشفى التي ناهزت الخمسة وعشرون ألف دولار أميركي وكانت الأمور تمر بطريقة طبيعية ممتازة حتى أتت اللحظة التي لن أنساها وهي طلب المستشفى منّا تأمين الدم للمعلم نزار لأنه معرض للخطر الكبير ويجب البحث عن هذا الدم في كل مكان وهم لم يجدوه والفئة نادرة جداً… والسباق محموم مع الموت.

لحظات إنسانية لن أنساها ما حُييت وبدأنا بالتفتيش والبحث عن الدم ولم يبق مكان في البقاع قرب شتورا إلا وسألنا عنه وطرحنا الصوت عبر الإذاعة على الهواء ولن أذكر المؤسسات التي اتصلنا بها وكان الجواب حالياً هذه الفئة غير موجودة ولا أدري لماذا خطر على بالي الأستاذ هادي مع العلم أنهم وكشركة تأمين لا علاقة لهم بموضوع إيجاد الدم، اتصلت به قائلاً: أنا أعرف أنها ليست مسؤوليتكم ولكن هل تعرفون مصدراً لنجدتنا بهذه الفئة من الدم؟ وكان الجواب صاعقاً ومفاجئاً ما تسلّف همّ أخي محمود أنا وعقيلتي عندنا هذه الفئة من الدم وخلال ساعة نكون عندكم في المستشفى في شتورا…

وهكذا كان وتمّ إنقاذ المعلم نزار وهو من الإخوة السوريين، وكانت من أجمل مشاعر الدنيا أن تنقذ إنسان بدمك…

لن أنسَ ما حُييت عندما شكرت الأستاذ هادي قال لي بثقة كبيرة: “رفيق محمود أنا وأنت نحمل فكر كمال جنبلاط”…

هنيئاً لحزبنا التقدمي الاشتراكي بالأستاذ هادي أبو الحسن… إنها لمسة وفاء حتى يبقى الرجال رجالاً وتبقى النخوة المعروفية رسالة خالدة في ثقافتنا وفي تقاليدنا…

وحتى يبقى فكر كمال جنبلاط وإنسانيته ومبادؤه طريقنا نحو مجتمع أفضل…

*رئيس جمعية طبيعة بلا حدود

اقرأ أيضاً بقلم محمود الاحمدية

لبنان لن يموت

أكون حيث يكون الحق ولا أبالي

لماذا هذا السقوط العربي المريع؟!

جشع بلا حدود وضمائر ميتة في بلد ينهار!

جاهلية سياسية… بل أكثر!

معرض فندق صوفر الكبير والتاريخ والذاكرة

قال لي: عندما تهاجم الفساد ابتسم بألم!!

إذا أجمع الناس على مديحك سوف أطردك!!

التاريخ لا يرحم… يجب إعادة كتابته

ما هو دوري كوزير جديد؟

مشروع كمّ الأفواه تدمير للبنان الرسالة

الجامعتان اليسوعية والأميركية تنسحبان: التعليم العالي في خطر

السويداء في عين العاصفة

تقريران رسميان متناقضان عن تلوث بحر لبنان

في ذكراها الـ 74 اسمهان: قصصٌ خالدة

طبيعة بلا حدود ربع قرن من النضال البيئي

فريد الأطرش وشوبرت والفن العالمي الخالد

يوم البيئة العالمي: التغلب على تلويث البلاستيك

قطعة الماس في جبل من الزجاج

مسيرة منتدى أصدقاء فريد الأطرش تشع في دار الأوبرا في القاهرة