إنه جبل كمال جنبلاط!

وهيب فياض

عندما تستمع الى خطابات بعض المرشحين في دائرة الشوف وعاليه، تلاحظ ان اول عقدهم وأكبرها هي عقدة تسمية هذا الجبل بجبل كمال جنبلاط.

فهذا يقول ان هذه التسمية مصادرة لقرار الجبل، وآخر يقول ان التسمية ادعاء ملكية حصرية، وديكتاتورية تحكم.

ونحن نقول ان الاوطان والأماكن لا تسمى الا بأسماء من طبعوها في الذاكرة والتاريخ.

ان الأماكن لا تطلق بقصد الامتلاك ولا بقصد التفرد والاستئثار، وقطعا لم تكن تلك صفات الشهيد كمال جنبلاط، ولكن ما قيمة جنوب افريقيا في قاموس لغات التحرر من العبودية ان لم تكن بلاد نلسون منديلا؟ وما علاقة الهند بثقافة النضال السلمي ان لم تكن بلاد المهاتما غاندي؟

وكيف تكون أميركا رمزا للحلم والمساواة بين الأعراق ان لم يقترن اسمها بمارتن لوثر كينغ؟.

يزعجكم ان يسمى الجبل جبل كمال جنبلاط، فهل تستطيعون تغيير هذا الاسم، الذي لم يصدر بمرسوم، ولم يكرس بلوحة تدل على مكانه، بل تكرس في العقول والقلوب، والوقائع والاحداث؟.

تريدون للجبل اسما اخر؟ سموه ما شئتم وخذوا منه ما تستطيع القوانين النسبية الهجينة تسريبه كنقطة من بحر او ساقية من نهر، فلسنا من هواة نتائج انتخابات الأنظمة الاستبدادية ونسب التسعة وتسعين بالمئة.

نحن الأكثرية الموصوفة في الجبل المعتمدة لوضع الدساتير وتعديلها في ارقى البلاد ديمقراطية، ايا كانت خلطة الطبخة الانتخابية، وايا كان طباخها.

خذوا مجتمعين أقليتكم ولو كانت لا تسمن ولا تغني، وخذوا معها أسباب وجودها.

خذوا تنفيعات الزفت الأسود واتركوا لنا الايادي البيضاء التي عمرت بيوت القرى والكنائس والجوامع.

خذوا أصوات المنتفعين من مالكم الانتخابي واتركوا لنا من لا يبخل بالمال لشراء الكرامة.

خذوا من يدبرون في ليل لفتنة هنا واشكال هناك، واتركوا لنا العمل الواضح في ضوء الشمس لمنع الفتنة وحل الاشكالات.

خذوا من عتب او حرد او عادى من اجل حب البروز في صورة، او الجلوس في كرسي امامي في اجتماع او احتفال، ودعوا لنا من يعمل بصمت ولا يريد جزاء ولا شكورا على عمل، لأن قيمة هؤلاء في ذاتهم وقناعاتهم وترفعهم.

خذوا من والى في الأيام الصعبة من اجل مكسب شخصي، او تلطياً بعباءة تحميه كما تحمي كل الجبل، واتركوا لنا من لا تغيره الأيام ولا انقلاب الأدوار .

خذوا من لم ير من معارك الكرامةً الا البلطجة والتشبيح، واتركوا لنا آباء وأمهات وأبناء شهداء الدفاع عن الارض والعرض.

خذوا محبي الظهور على شاشات التلفزة المدفوعة الأجر ودعوا لنا الحضور على الارض بين الناس بالألوف المؤلفة في كل قرية او مدينة في الجبل.

خذوا من لم تدخل المصالحة الى قلوبهم واتركوا لنا المتصالحين الحقيقيين.

خذوا من يسير في مواكبكم، ويجلس مندوبا في اقلام الاقتراع عنكم مدفوع الأجر، ودعوا لنا من يعز عليهم عدم اختيارهم متبرعين بوقتهم وجهدهم ومالهم، لأن عددهم فائض عن الحاجة.

خذوا كاميرات الزوم إن والروم أوت، واتركوا لنا الصور الحقيقية لحشود بتاتر وجماهير يوم إلباس تيمور كوفية فلسطين.

خذوا القشور واتركوا لنا البذور نزرعها في الارض خيرا وبركة.

خذوا الغرائز واتركوا لنا العقول.

خذوا الشعارات واتركوا لنا العمل المثمر.

خذوا نسبتكم من النسبية بمقدار ما يسقط على الطريق من ثقوب اكياس الغلال المحصودة من بيادر الخير والمحبة والسلم الأهلي.

خذوا نسبتكم من النسبية بمقدار ما يحجب خيالكم من نور الشمس.

فنحن الأكثرية الموصوفة التي تضع الدساتير وتعدلها وإن تطلب ذلك ثلاثة ارباع عدد المقترعين، ولو ان اكثرية الثلثين تكفي وتزيد، ولكننا نحب زيادة التأكيد.

لكم تسميتكم، ولنا تسميتنا، ولكن الأماكن لا تسمى، الا بأسماء من طبعوها في الذاكرة والتاريخ. انه جبل كمال جنبلاط وسيبقى جبل كمال جنبلاط بالمطلق وليس بالنسبي.

(الأنباء)

اقرأ أيضاً بقلم وهيب فياض

جنبلاط يهادن مجدداً وينعي اتفاق الطائف

أيها المعلم المشرق علينا من عليائك

نزار هاني: أرزتك أطول من رقابهم!

ما وراء خطاب العرفان!

عن الفتح المبكر للسباق الرئاسي: قتال بالسلاح الأبيض والأظافر والأسنان!

عهد القوة ام العهد القوي؟

من موسكو: تيمور جنبلاط يجدل حبلاً جديداً من “شعرة معاوية”!

لجيل ما بعد الحرب: هذه حقيقة وزارة المهجرين

حذار من تداعيات إزدواجية المعايير!

عن دستور ظاهره مواطنة وباطنه عفن سياسي!

لا تحطموا برعونتكم أعظم إختراع في تاريخ الديمقراطية!

رسالة من العالم الآخر: من أبو عمار إلى أبو تيمور!

لتذكير من لا يذكرون: تجارب وزراء “التقدمي” مضيئة وهكذا ستبقى!

يحق لوليد جنبلاط أن يفاخر!

تبيعون ونشتري

إلا أنت يا مير!

ادفنوا حقدكم لتنهضوا!

الإصلاحيون الحقيقيون: إعادة تعريف!

مطابق للمواصفات!

خيارات المختارة وتحالفاتها: قراءة هادئة!