قمة القمة القدس

جليل الهاشم

قامت جامعة الدول العربية في منتصف اربعينات القرن الماضي كهيئة تحاول إحتلال موقع للعرب ودولهم المستقلة حديثاً في عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية. وكانت قضية فلسطين أول معضلة تواجه هذا الكيان الإقليمي الجديد. فعلى إمتداد الأعوام اللاحقة للتأسيس إندلعت حرب فلسطين بقوة على الأرض وفي المحافل الدولية وإنتهت الى قيام الدولة الصهيونية في عام 1948

منذ تلك اللحظة باتت فلسطين العنوان الأول لعمل الجامعة إلا أن هذه المؤسسة لم تتمكن من التحول الى أداة فاعلة ولم تنعقد قمتها الأولى ذات المغزى إلا في عام 1956 في بيروت بعد العدوان الثلاثي الشهير على قناة السويس وتم ذلك بدعوة من رئيس الجمهورية اللبنانية في حينه كميل شمعون.

بدأ العمل العربي المشترك يأخذ مضامين جديدة إلا أن فلسطين بقيت العنوان الاول واستمرت ولا تزال البند الرئيسي على جدول أعمال كل القمم اللاحقة وآخرها قمة الظهران التي استضافها مركز الملك عبد العزيز وهي تحفة معمارية بنيت في الموقع الذي تم فيه حفر أول بئر نفط تجاري في المملكة العربية السعودية عام 1953 وفازت بتنفيذه شركة ناروجية.

جاء اختيار هذا الموقع من قبل القيادة السعودية في خطوة ترمز ليس فقط الى التزام وضع الثروة في خدمة تطوير المجتمع السعودي وانما ايضاً في خدمة القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الام فلسطين ولم يكن إطلاق الملك سلمان بن عبد العزيز على القمة إسم قمة القدس سوى تعبيراً عن إلتزام عميق بالحقوق الوطنية الفلسطينية وبالقدس عاصمة للدولة الفلسطينية وجاء إعلانه التبرع المباشر بـ 150 مليون دولار الى الأوقاف الإسلامية في المدينة وخمسين مليون دولار إضافية الى وكالة الأونروا لغوث اللاجئين تعبيراً عن ذلك الإلتزام المبدئي والعملي. ورداً فعلياً في سبيل حفظ المدينة لأهلها.

ان هذا العنوان يضاف اليه تجديد التمسك بالمبادرة العربية التي اطلقت في قمة بيروت 2002 كان بمثابة ردّ سياسي على المزايدين من جهة وعلى سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من جهة ثانية الذي يريد جعل القدس عاصمة لإسرائيل فكان الموقف السعودي ثم الموقف الذي تبنته القمة مجتمعة من القدس والقضية الفلسطينية أبلغ ردٍ على نهج الإدارة الأميركية ونهج مدعي مقاومتها.

إلا ان الحكم النهائي سيبقى رهناً بمتابعة مقررات الظهران وبالسلوك الفلسطيني نفسه تجاه قضية العرب الاولى.