تحالف “التقدمي-القوات” ينعكس شعبيا بلافتات المتن الأعلى

يبدو جليا في عجقة الماراثون السياسي الى المجلس النيابي، أن اللوائح التي شُكّلت في جبل لبنان بين الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية هي الاكثر متانة لكونها مبنية على ترابطٍ شعبي لمواطنين يعيشون عمق المصالحة حقا في النفوس قبل النصوص، وان هذه اللوائح قد اسعدت المناصرين باتفاق المسؤولين على تشكيلها لخوض السباق الانتخابي المقبل بحملةٍ مشتركة.

ففي وقتٍ نشاهد وقوع الاشكالات بين مكونات واعضاء اللوائح الهجينة بتحالفاتها، يبرز عامل النفور الشعبي بين مناصري أعضائها، وفي مواقف القادة السياسيين والمرشحين أنفسهم. بينما يظهر بوضوح أن التحالف بين التقدمي والقوات هو الأمتن على الساحة السياسية لكونه نابعا من حرص رئيس الحزب النائب وليد جنبلاط على ترسيخ الوحدة بعد المصالحة التي نجح بتحقيقها مع غبطة الكاردينال البطريرك مارنصرالله صفير ومن قناعة الحكيم قائد القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع بأهمية الحفاظ علبها.

والأهم أن هذه القناعة بالمصالحة بينهما قد انسحبت على القاعدة الشعبية وأصبحت من المسلمات عند الغالبية من أهل الجبل الذين أقفلوا صفحة الحرب بإرادة مشتركة، واتفقوا عفويا على أن مصيرهم مشترك وعلى انهم يجب أن يبنوا معا لمستقبلٍ أفضل.

ففي حين نرى قيادتي التقدمي والقوات تؤكدان باستمرار على أنه مهما اشتد التباين بالمواقف السياسية والتناقض بالقناعات بينهما، فإن الاختلاف بالرأي لن يفسد للود قضية، نلاحظ الهشاشة بين مكونات اللوائح المقابلة على الصعيد الشعبي قبل السياسي. وهذا ما تُرجِم بالمواجهة الشعبية الرافضة لحضور الحريري برفقة ارسلان والحريري إلى حاصبيا، بينما رأينا النائب علي حسن خليل ينسحب من لقاء سياسي لعدم توجيه التحية للرئيس نبيه بري من من قبل مسؤول التيار الوطني الحر!

امام هذا الواقع، وبعيدا عن الإسهاب في شرح الأمثلة المتعددة في ذات السياق، يظهر الإنسجام الشعبي في دائرة بعبدا بعفوية التفاعل الشعبي مع مرشحي اللائحة. حيث رفع مناصرو القوات في بلدة ترشيش بأعالي المتن الجنوبي لافتة كبرى تحمل شعار القوات اللبنانية وعبارة “صار بدا” فيما طُبِعَ عليها اسم مرشح التقدمي هادي ابو الحسن رغم غياب المكون الدرزي عن سكانها.

وفي المقابل، رفعت لائحة في بلدة شويت على مدخل المتن الاعلى صورا مشتركة لأبو الحسن والوزير بيار بوعاصي الى جانب علم الحزب التقدمي الاشتراكي. وهو المشهد الذي تكرر في بلدة العبادية مسقط رأس “بوعاصي” لتظهر الصورة جلية بوضوح ان هذا التحالف هو تحالف الحريصين على العيش الواحد. وهو تحالف “أم الصبي” في هذا الوطن الذي يعيش تداعيات عهود متعاقبة حكمته على قاعدة “اللهم انا” وقدمت المصالح الخارجية على المصلحة الوطنية في أداءٍ مؤسف لا زلنا نقطف نتائجه عجزا بميزان الاقتصاد وضعفا في الإنماء في كل القطاعات بالوطن.

بين لافتة الترحيب بأبو الحسن في ترشيش والصور التي تجمعه مع بوعاصي في شويت تترسخ المصالحة  بوحدة القرار الشعبي من مدخل المتن الى أعاليه لتؤكد صحة النوايا..

ويبقى ان المواجهة المقبلة يجب ان تتكلل لاحقا بالتصدي للهدر والفساد ولهذا القانون الانتخابي الطائفي المقيت الذي يفرّق وحدة اللبنانيين بحقدٍ طائفي يحاول اهل الجبل تجاوزه بقناعاتهم المشتركة.

(*) هلا ابو سعيد – “الأنباء”