العلاقة مستمرة مع المختارة… بل ستزيد!/ بقلم الدكتور محمّد شـيّا

منعاً لأي التباس حول عدم حضوري تكريم بعض العمداء والمديرين برعاية الأستاذ وليد جنبلاط في بيت الدين مساء 12\4\2018؛ أود أن أوضح ما يلي:

 

– لقد كرّمت سنة 1969، وكان عمري يومها 19 سنة، حين انتخبت وكيلاً لمفوض الطلبة في الحزب التقدمي الاشتراكي (وكان يومها المرحوم أنور الفطايري) ثم كلّفت بإدارة خلية الحزب في كلية التربية الجامعة اللبنانية وكنت في السنة الثانية وكان الخلية تضم أكثر من 30 فرداً بعضهم اليوم من أبرز الشعراء والأدباء والأساتذة الجامعيين.

– وكرّمت يوم وضعت معظم بنود القانون الأساسي ومبادئ “منظمة الشباب التقدمي” سنة 1970، ثم أنتخبت في المؤتمر الأول في كلية الحقوق سنة 1971 بالإجماع عضو المكتب السياسي ومسؤول التثقيف، وقد أصدرت وحررت وحدي لفترة من الزمن ’النشرة الثقافية، التي كانت تصدر شهرياً عن المنظمة، ولطالما ناقشنا وأحيانا انتقد يساريتنا الزائدة المرحوم المعلم في ندوة الأربعاء، ومشاركتي كذلك في تأسيس رابطة الأساتذة الجامعيين في الجبل ثم اللقاء التقدمي.

– وكرّمت يوم اختارني المعلم الشهيد ، مع زملاء مثل جنان شعبان، رياض رعد، جهاد الزين، هشام نصرالدين، الشهيد ناصر سلوم، وآخرين، عضوا في مكتب الأرشاد السياسي في أثناء الحرب الأهلية 75-76، والتي حاول فيها اللبنانيون من كل الطوائف إحداث إصلاحات مدنية في بنية هذا النظام الطائفي المتخصص في إشعال حرب أهلية كل 15 -20 سنة، وتوليت منطقة حساسة في ذلك الوقت وهي منطقة المتن الأعلى وبقيت سنتين مارست فيها قيمي وأخلاقي ولبنانيتي الوطنية الجامعة.

– وكرّمت يوم اختارني الرئيس وليد جنبلاط عضوا في المكتب التنفيذي المركزي للإدارة المدنية في الجبل، وتسلمت رئاسة مكتب التربية والتعليم، ونجحنا في استبدال كل المدرسين المتغيبين وافتتحنا المدارس بقرار يومي منّا، وكان يرسل لي الرئيس وليد شيكاً شهرياً بمليون ونصف ليرة ودون أن يسألني يوماً عن فاتورة أو توقيع…

– وكرّمت يوم أخترت منسقاً لـ”فريق الفكر العربي” في معهد الإنماء العربي في بيروت سنة 1987.

– ثم كرّمت يوم أختارتني الجامعة مديراً لكلية الآداب في صيدا سنة 1987، لكني اعتذرت، ثم اختارتني مديراً لمعهد العلوم الاجتماعية الفرع الأول، فأدرته على نحو مثالي في أصعب الظروف.

– ثم كرّمت يوم عيّنت من مجلس الوزراء عميداً للمعهد سنة 1995 حتى سنة 2000 ثم لكلية السياحة 2000-2005، حيث استقلت عامداً سنة 2005 حرصاً على تطبيق القانون في الجامعة، وقد أنجزت في الكليتين خطوات ريادية جعلت إجازة العلوم الاجتماعية إجازة تعليمية وأدخلت خريجيها مجال التعليم في المرحلة الثانوية بعدما كنت تحديداً منسقاً لمادة الفلسفة والحضارات في المركز التربوي سنتي 1998-1999، كما أدخلت كلية السياحة في شراكات مع أهم الجامعات الأوروبية.

– وكرّمت يوم أنتخبت من مجلس الجامعة مقررا للجنة تعديل قانون الجامعة اللبنانية، ثم كنت بهذه الصفة عضواً في اللجنة المصغرة التي رئسها نائب رئيس مجلس الوزراء يومذاك عصام فارس.

– وكرّمت يوم اخترت سنة 2003 عضوا في لجنة تعديل أنظمة التعليم العالي في لبنان برئاسة الوزير الجسر.

– وكرّمت يوم اخترت مرتين 2006 و2009 مقرراً للجنة قبول قبول أساتذة مواد الفلسفة في التعليم الثانوي في مجلس الخدمة المدنية.

– وكرّمني قرائي وأصدقائي ودور النشر وطلابي حين احتضنوا أكثر من 32 كتاباً لي، مؤلفاً أو مترجماً، أعيد طبع الكثير منها أكثر من مرة، ويدرّس بعضها في جامعات لبنانية وعربية، واعتز خصوصاً بمؤلفاتي عن الفلاسفة والمجاهدين العظام، ميخائيل نعيمه، كمال جنبلاط، علي ناصرالدين، شكيب أرسلان وسواهم، وقد أشرفت على أطروحات جامعية عدة انطلاقاً من الكتب المراجع تلك.

– وكرّمت حين كنت أستاذاً زائراً في أكثر من جامعة عربية وأوروبية وآسيوية، وقدّمت في مؤتمرات ونشرت في مجلات علمية أكثر من خمسين بحثاً أكاديمياً متخصصاً، وعضواً في غير لجنة عربية رفيعة.

لهذه الأسباب الأكاديمية والعلمية والوطنية تزخر مكتبتي بعشرات التنويهات والميداليات، وكرّمت أكثر من مرة من جهات ذات مستوى أخلاقي وثقافي ووطني، آخرها تكريم الزملاء المثقفون المحترمون في الحركة الثقافية أنطلياس لي في 17 آذار 2018، بل جعلوا التكريم تحت يافطة “يوم تكريم الدكتور محمّد شيّا”، حضره حوالي 200 شخصية وطنية وأكاديمية ونسائية وجامعية ونقابية – لم يكن بينهم مع الأسف واحد من الجهة الداعية إلى تكريم 12\4\2018 رغم دعوتي الخطية لهم.

ولهذه الأسباب أيضاً، وبعدما استمريت في الجهاد الوطني المباشر والعطاء العلمي دون انقطاع لحوالي الخمسين عاماً (1969-2018)، وتعبت الهمّة بما يكفي، واستقر العقل والروح على شيء آخر مختلف خارج عالم التكريم والمكرّمين، لعله أنقى بكثير،

أتقدم بالشكر من الجهة الداعية (اللقاء التقدمي) على حرصهم على تكريمي، وزملاء آخرين لهم قيمتهم العالية؛ واؤكد أن ذلك لا يعني في شيء علاقتنا الثابتة (وقد بلغنا من العمر أواخره) بالأستاذ تيمور جنبلاط وبالخط الوطني الذي أسسه المعلم الشهيد وأرساه الزعيم وليد جنبلاط، والقائم على شدّ أواصر الوحدة الوطنية والعيش الواحد، والإصلاح في النظامين السياسي والاقتصادي في لبنان. وعلاقتنا مستمرة، بل ستزيد.

(*) عميد سابق