بعد التغييرات الديمغرافية الكبرى… هل باتت عودة النازحين السوريين مستحيلة؟

عندما دفع النظام السوري ورئيسه بشار الأسد بآلاف المعتقلين الإسلاميين من سجونه الى ميدان المواجهات العسكرية التي اندلعت في بلاده، الذين شكلوا فيما بعد نواة “داعش”، كان يهدف الى تفتيت المعارضة السورية وإزاحتها عن خطها الوطني، ومن ثم تحويلها من جبهة موحدة الى ميليشيات متقاتلة فيما بينها والباسها تهمة بالإرهاب، وهي الصفة التي لازمتها طوال السنوات الخمس الماضية منذ إنطلاقة داعش في العام 2013، وهذا الأسلوب هو نفسه الذي استخدمه النظام السوري لاقناع العالم بتمديد مدة إقامته في لبنان بعد تحويله الى كيانات طائفية ومذهبية تفرض بقاءه في هذا البلد للفصل بين المتحاربين الذين أمعن في قسمتهم وتشتيتهم.

هذا النظام الذي عرف كيف يجند العالم على الغرق في الملهاة الداعشية طوال خمس سنوات بهدف التخفيف من خطرها الذي أخذ يضرب في عمق العالم الغربي، مستبيحاً كل الساحات والحرمات العربية والدولية، حتى بات خطره الداهم يتهدد العالم بأسره، فيما هو أخذ يعمل في السر والعلن على قتل وتهجير الملايين من شعبه في أخطر عملية فرز ديمغرافي وعرقي لم يشهد العالم مثيلاً لها، لا في الحرب العالمية الأولى ولا في الحرب العالمية الثانية، ولا حتى في تقسيم فلسطين والسودان وكوريا وإيرلندا.

كل ذلك تم من دون أن يرف أي  جفن للدب الروسي وللديناصور الإيراني، وبعد أن تم تهجير أكثر من نصف سكان سوريا  ومات منهم من مات وغرق في البحر من غرق، وصل الآن الدور الى ريف دمشق فقصفت مدنه وقراه بنفس السلاح المّحمل بالبراميل السامة والزرنيخ لقتل المزيد من الأبرياء على مسمع ومرأى من العالم أجمع، فيما العالم ما زال يراهن على الرئيس الاميركي دونالد ترامب وعما اذا سينفذ تهديده أم لا.

فقبل ترامب ذهب سلفه باراك أوباما بالتهويل الى أقصى الحدود وخرج من البيت الأبيض ولم ينفذ تهديده، وكذلك ترامب الذي يهول بتلقين النظام السوري وحلفائه درساً لا يمكنهم نسيانه، قد لا يفعل شيئاً لأن المتفق عليه بين اللاعبين على المسرح السوري يختصر بتفريغ سوريا من سكانها الأساسيين كي يستمر النظام في حكم هذا البلد بالحديد والنار لغاية قد لا تكون بعيدة عن الرغبات الإسرائيلية، ومن أجل أن يبقى خط التواصل بين ايران وحلفائها موصولاً من بلاد الفرس الى العراق وسوريا والمتوسط.

أمام هذا الصمت العربي المخيف وحدهم النازحون السوريون يدركون أن عودتهم الى ديارهم باتت مستحيلة، وان مصيرهم سيكون رهن التغيرات الكبرى وربما المجهول.

الأنباء – صبحي الدبيسي